سارقُ الأحلام
نسرين النقوزي
——
قاصة من لبنان
غفا على كتفِهِ ، حضَنَه بقوّة غريبة، أراد أن يمارسَ الجنس معه فرائحته تثيره. كان قد أمضى ليلة طويلة متعبة، لكنها ليست هي المرّة الأولى التي يخطّط فيها ويظل على أعصابه حتى ينفذ مخططه. إلا أن عملية اليوم كانت كبيرة، كادت أن تودي بحياته. نعم، سرق من قبل مرارا ، ولكنه لم يقتل.
أثار دماء الرجل ما زالت على يديه. لم يرد له أن يموت.
القتل “حرام ” أما السرقة فهي مهنة . هكذا يردد دائما بينه وبين نفسه .
صرخات الرجل لطلب النجدة أرهقَتْ أعصابه. صوته، نبرته، ضعفه، أغاظوه .فهو لم يأكل شيئاً منذ الصباح. كان جائعا وتعباً. لم يك يتوقع أن يصرخ بهذه الطريقة.
عادةً مَن هو على فراش الموت وفي سن التسعين يئن عند طلب المساعدة ولا يصرخ و يولول كما فعل هذا الرجل عند رؤيته و كأنه رأى مسخاً .
أطلق صوتاً ونحيباً ما زالا يرنّان في أذنيه حتى الآن .
لم يردْ أن يقتله. أراده فقط أن يسكت،أن ينام ،أن يدعه ينهي ما جاء لأجله .ويرجع بعدها إلى هنا ،إلى بيته، يأكل وينام.
ما زال يلبس في خنصره الخاتم الذهبي الذي انتزعه من يد الرجل بعد أن قتله .
لا يتناسب هذا الخاتم اللمّاع مع ظفره الطويل، الأسود.
أثار الدماء انتقلَت من يديه إلى رقبة الجثة الهامدة .
حاولَ أن يتعلّقَ بها ثانية ،أن يمارس الجنس معها .
لا يدري إن كانت حقاً جثة أم لديها حتى الآن نفسٌ. فقد سمعها في أول الليل عندما غفا على كتفها تغنّي له .
أحسّ بيدها تلتف حول عنقه وتخنقه .ليس متأكداً مما حصل. فقد كان تعباً وجائعاً فغفا بسرعة.
يعرف وجه هذه الجثة :إنها تقاسيم الله كما كان يتخيلها وهو صغير. هو الله نزل إلى جانبه كي يعاقبه على صنيعه .
ولكن لماذا يلبس بيده الخاتم اللمّاع الذي سرقه هو ..؟
من هو هذا الإله ! ؟
…إنه الفقر… سارق الأحلام …
—–
قصة قصيرة، خاصة بصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب
عذراً التعليقات مغلقة