في انتظار غوديت
مازلت أرشق بالياسمين
عفراء قمير طالبي
———
شاعرة من الجزائر
عشرون ضربة حبّ
و مازلت أمارس هذا الفنّ النبيل
بعد جولتين…
سأبلغ الأربعين
وسأصبح نبيّة بالضربة القاضية
°°°
عشرون طعنة حبّ
و مازلت أقف كالوردة
على ساق واحدة
أتحسّس الهشاشة النازفة
بما تبقى من أصابع
°°°
عشرون جنحة حبّ
ومازلت أرشق بالياسمين …
كلّما أحببت رجلا
أخرجتُ السّلاح الأبيض ذاته
°°°
عشرون وعدا بالحبّ
ومازلت أسّمي الخيبة ” وردة الرّمال”
وكذبَ الرّجال “فاكهة استوائية”
مازلت أصّدق بأنّ الأرض تدور حولهم
إذا قالوا حولنا تدور…
إذا رموا حجرا قلت تفاحة
وإذا ابتسموا خرّت لغتي ساجدة
°°°
عشرون فرصة…
لأكون امرأة بلا نُدبٍ
ضيّعتُها كما يضيّع شجرٌ في الرّيح ورقه
دحرجتُها كما يدحرج لاعبٌ في المجهول نرده
جرحتُها كما يجرح ذئبٌ بعينيه قبّرة عالية
عشرون فرصة للكلام
ولم أقل شيئا،
مازلت أكتفي بالبكاء في العتمة
كلّما كُسر في القلب مصباح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في انتظار Godette
يشعل بيكيتُ سيجارته
أجهشُ أنا بالرّؤى…
يربّتُ على كتفي ويقلبُ الفنجانْ
“ للأشجار مزاجُها
للأرصفة نبضُها الصخريُّ
وللخيالِ لوحُ شطرنجِهِ”
يقولُ فاتحا مثل عينِ الجرحِ فنجاني
فتسيلُ شجره…
باردةٌ أغصانُها على حائط البورسلين
باردٌ صدى عنادلها يا صاحبي
باردٌ مثل قلب غوديت هذا القعرُ !
فهل ترى ما أرى؟
طرقٌ مطويّةٌ
بابُ قفصٍ مفتوحٍ
كرسياّن وعينٌ كالمثلّث القائم شاخصة
الغروبُ المخيّمُ ها هنا يُنذرُ بالموت
ماذا سنفعلُ بكلّ هذا الوقت يا بيكيتُ ؟
نفد شعيرُ الأسئلةِ
ولم يبقَ في المطْمُورة سوانا.
°°°
يمرّ بيننا النّادلُ مثل غيمةٍ كثيفةٍ
نصابُ بسكتة البياضِ،
يمسح أثرَ القهوة على الطّاولة و يبتسمُ:
غدا ستأتي غوديت
أو بعدَ المطرِ
…
سقط المطرُ و لم يشعشع في العين البعيدة لون
مرّ النّادلُ غيما وريحا ونهرَا
مرّت الآحادُ كئيبة ً
نفد شعيرُ الأسئلةِ
حطبُ الرّؤيا
سجائرُ بيكيت
نفدت كلُّ الوجوه من المقهى
ولم تنفد لغوديت
زهرةُ في الخيال
ــــــ ملاحظةٌ على هامش الرّؤيا:
انتحرت غوديت بعد قرن ولم يزل بيكيتُ معلّقا من حزامه ينفث دخان سجائره في السّماء ويحلم بوجهها المستحيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“المجانين، كالوردة في الرّيح”
المجانين أحباب الله
تعرفهم من زنبقة تطفو
على سطح الوجه
هم الطّلقاء كالرّيح
لا حبل يشّدهم إلى ساق كرسيّ الحقيقة
فيعترفون بأسمائهم
هم بذرة المجاز من قبل تشكّل اللغة
هم الصّادقون، الأوّلون، المائيّون،
المائلون عن خطّ الإستواء
كالوردة في الريح…
الصّامتون صمت الحجر في قعر البئر
الاستثنائيون في وحدتهم،
الوحيدون في الاستثناء
البعيدون عن صخب الحياة
كنجمة تضيء حدبة العالم
هم الطيبّون الذين مذ فقدوا بوصلة الجهات
لم يخذلهم دوّار الشمس
المجانين الحكماء
من غيرهم يشير إلى قدميه
حين يُسأل عن مكان القلب؟
من غيرهم يسمّي الرّوح غيمة؟
والقمر حبّة أسبرين؟
الجزائر- 17 آب/ أغسطس 2018
========
قصائد خاصة بصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب
عذراً التعليقات مغلقة