أَيْقونات
محمد بوجبيري
__________
شاعر من المغرب
النَّخْلَةُ
في كُلِّ نَخْلَةٍ،
هُنا،
أَوْ هُناكَ في جِهاتِ الأَرْضِ،
ذاكِرَةٌ لِلرِّمالِ،
بَدْءًا بِالرُّبْعِ الْخالي،
شَرْقًا ،
وَانْتِهاءً ،
غَرْبًا ،
بِالصَّحْراءِ الْكُبْرى.
في كُلِّ سَعْفَةٍ،
أَوْ بَذْرَةٍ مَدٌّ،
حَدَّ الْعَمى،
لِرحابَةِ الْمَدى.
النَّخْلَةُ ، الَّتي هُجِّرَتْ ، وَ اسْتُنْبِتَتْ هُناكَ في الشَّمالِ ، زينَةً ، في النَّرْويجِ ، عَلى سَبيلِ التَّمْثيلِ ، في هذا النَّهْجِ الْبَهيجِ ، أَوْ تِلْكَ الْحَديقَةِ الْيانِعَةِ الأَنيقَةِ ، لاشَكَّ أَنَّ عُلَماءَ النَّباتِ ، و َالاسْتِنْباتِ، أَخْضَعوا ، بِما يَكْفي ، الشُّتولَ لِلْفُحوصِ في الْمَشْتَلِ / الْمُخْتَبَرِ ، و َلَقَّحوها ضِدَّ نَزْلاتِ الْبَرْدِ الْقاسِيَّةِ و َالْحادَّةِ حَدَّ الْمَوْتِ و الذُّبولِ . كلُّ تِلْكَ الأَمْصالِ و َالِّلقاحاتِ كَيْ تَتَحَمَّلَ هذهِ الصَّحْراوِيَّةُ الْجَميلَةُ النَّبيلةُ الْكَريمَةُ لَياليَ شِتاءٍ طَويلٍ ، راعِدٍ وَ مُرْعِدٍ، و َثُلوجًا تراكَمَتْ ، و َامْتَدَّتْ حَتّى صارَتْ بَيْداءَ بَيْضاءَ، كَيْ تَتَحَمَّلَ أَيْضًا عَذاباتِ أُفولٍ لِشَمْسٍ هاجَرتْ ، هِيَ الْأُخْرى، أَقاصي صَقيعِ الشَّمال ، كَيْ تُشْرقَ وَهّاجَةً ، في الْجَنوبِ . هذا الْأَخيرُ الْكَثيرُ بِدِفْءِ الْواحاتِ الْخَصيبَةِ ، و َمَوَدّاتِ الرَّحيلِ الْمُتَنَقِّلِ ، عَلى جَناحِ السَّلامَةِ ، إِلى جِهاتٍ مُريحَةٍ اِخْتارَتْ أَنْ تَكونَ مُقيمَةٍ في الْمَنابِعِ الْعُلْيا لِلرّوحِ.
جَبَل
خاطَبَ سَهْلٌ جَبَلاً:
أَخي الْكَريمُ،
هَلاَّ تَواضَعْتَ،
وَ نَزَلْتَ مِنْ الأَعالي،
كَيْ نَحْتَسي مَعًا قَهْوَةَ الْمَساء.
أَجابَ الْجَبَلُ:
أَخْشى إِنْ خَلَعْتُ غابَتي،
وَ نَزَلْتُ،
أَلاَّ أَعْرِفَ،
وَ أَنا الْعائِدُ الصّاعِدُ مِنْكَ،
كَيْفَ أَرْتَديها مَرَّةً أُخْرى.
النَّهْر
النَّهْرُ ،
وَ هُوَ بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ ،
أَبَدًا لا يَلْتَفِتُ إِلى النَّبْعِ .
ذاتَ عَوْدٍ أَبَديٍّ،
سَيَعودُ ،
مِنْ رَحِمِ الْمُحيطِ،
غَيْمَةً حُبْلى بالأَنْداءِ وَ الأَمْطار.
ذاتُ النَّهْرِ
وَ هُوَ يَعْبُرُ الْيابِسَةَ بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ ،
يُطيلُ النَّظَرَ ،
طيلَةَ سَريرِهِ الطَّويلِ،
في الْغَيْمَةِ الْمُتَّشِحَةِ بِالسَّواد.
يَنْهَرُ ،
بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ غِبْطَةَ الْعِناق ،
كَما لَوْ أَنَّهُ يَسْتَعْجِلُ الإقامة في رَحِمِ الْغَيْمَةِ الْقادِمَة .
_______________________________________________
قصائد خاصة لصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة