وحدّهم العشّاق يرثون الفرح
آمال موسى
_____________________
شاعرة من تونس
من قال إنّ الفرح مخاتل
مثله كمثل الماء
دون نرجس
بلا عطر؟
من قال إنّ الفرح مزهو بنفسه
يجيدُ التمنع أكثر من جميلات شعراء الجاهلية
وأكثر من ليلى الأخيلية وبثينة جميل ومني أنا؟
يتحركُ حولنا
ولا يبارز ذلك الشجن الطالع فينا نخيلا شامخا
أو يلتقط بشهامة الابتسامة
أوراق الخريف التي تغطي الماء الحزين
والأيام التي تطوي الزمن في أعمارنا القصيرة دائما؟
أنا من أمّة تخافُ الفرح
تشكُ فيه
وتصدق كل إشاعات التّاريخ والقادحين في عذرية الفرح
لكأن الفرح والنّساء سيان في الوأد
إني من أمّة
تمتدح الخيبات والفراق والوجع
تشكو الفرح لأبنائها
لشرطة مقاومة الجريمة
وتقول: هو الفرح عشبة عشوائية ووردة أدركت يأس العطر
الفرح شقيق التدخين مضر بالقلب والرئة
فتاك بأعضاء الحبّ.
قليل هو الفرح في أمتي
قليل كجيب أب فقير كثير الأولاد.
قليل كمن لم يُحبّ
قليل كامرأة أطفأ جمالها إنكار الأنوثة
كعاشقة أضاعت بطلها في زحام زخرف الكلام
قليل كرجل بلا امرأة يسكنُ فيها
كرجل لم يقرأ سر الوجود
فلم يكتب نصه في الحياة وغابت عنه القصيدة.
قليله كثير كاليتم
قليله كبير كالوحدة
قليل في المجاز
في الوصف شحيح
غير أنّه
فقط
كثيرٌ في قلب محبّ
كثيرٌ في فنجان قهوتنا
في محادثاتنا
في الفايسبوك والواتساب والفايبر
في فراش الأنس
في شوق المسافة واللقاء
كثيرٌ في بيوت اهمها العشق وهي تعاشر الوحشة.
العاشقون يعانقون الفرح إلى حدّ التوحد
ويقبلونه قبلات حبات المطر الخاطفة الحارقة
ويُميزون بين القبلة والقبلة.
ينظرون في وجه الفرح
ذائبون
خاشعون
يُنصفون الفرح
يرودُن له النرجس والعطر والنبيذ
وحدّهم العشاق يرثون الفرح.
( مقطع من ديوان جديد قيد الكتابة)
=======
قصيدة خاصة بصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب- لندن
عذراً التعليقات مغلقة