سيرة شاعر بدوي ضجر
مصطفى غلمان
شاعر من المغرب
كنت شاعراً بدوياً ضجرا
أكتب كي أبرى من الشك
وأنام على موسيقى الحب والثورة
كنت شاعرا عظيما
أدافع عن المظلومين
واستجير بالضمائر الحية
وأرفع المظالم لسحرة معبد المخزن
ولما أدركت سر الآثام التي استحالت إلى قصائد عصماء
وغادرتني حال إشفاقها ونذبها الوبال الحارق
شنار العتمة
رميم الذاكرة
وشي العين الخؤون
تناثرت حبات موبقات
وانفلقت كمحبرة تشاغب أحرف الغل
وتوميء ضجر الخوف ونشاش العراء ..
كنت هناك في ساعة متأخرة
أرتب حجم خساراتي
خيانة الأصدقاء
شرر الليل وشغار الكمائن ..
كنت شاعرا بدويا ضجرا
وتهدلت على شفة الخيال
أغادر ظلا وأجزل ظلا
كمن سافر في المدى
يهامس الروضة الذفراء
صموتا بقناع الحذر ..
يختبي خلف أشباح
وينظر هل تغفو يد الشعر
وتقتفي أثر الفجر الذي يحجب المجذاف، وسم سنبلة، قطيفة برد، بذار الحداق في سواد الذبول ..
كنت شاعرا عظيما
لولا أن الوجه تشابه علي وارتدى صنو يباب وشارة نصر ..
أنا الآبق الجاحد المتنطع الدوار
أكره الشعر وأدنو من خبل الآل
أنشر خطيئتي على الملإ
وأعترف :..
ما كان علي أن أشهر عداوتي للمستبدين
وما كان علي أن أكتب شيئا عن الأنبياء التقاة
وما كان علي أن أجهر بالنصر العاجل
وما كان علي أن أبوء بعطف السابحين في ذرى النضال ..
كنت لو نفرت وثاقي
ونفضت عن حشدي غور المعاذير
لكشفت سوء نفسي لنفسي
وأوجبت بالكرى نسي الشهود والوعود
وأعطيت ما لله لله وما لقيصر لقيصر ..
ذهب الشعر وارتقى سنام المدر
وكل شيء إلى الصمت
قد تخشع
وما بين الثنايا سراب يجوس
وخراب خراب
وهجر يطال القُدَاسُ
ونار تصطلي
ولا شعر في الأفق
غير أني قد تخلفت عن سير الخطى
حتى ينجلي خيط الخطر ..
سيف الضلال في غمد الأثر …
=====================================
قصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
* شاعر وباحث إعلامي من مراكش
عذراً التعليقات مغلقة