ظِلالِي التي ضَيَّعْتُها.. قصيدة للشاعر المغربي صالح لبريني

15 سبتمبر 2018
ظِلالِي التي ضَيَّعْتُها.. قصيدة للشاعر المغربي صالح لبريني

 

ظِلالِي الَّتِي ضَيَّعْتُهَا

 

صالح لبريني

_____________

شاعر من المغرب

 

 (1)

الآنَ
أُغَادِرُنِي  حَثِيثاً  صَوْبَ  الآتِي

مُثْقَلاً  بمَا  تَبَقَّى  لِي  مِنْ  ظِلالِي

ظِلالِي  الَّتِي  ضَيَّعْتُهَا  سُدَى

فِي  وَجْهِ  رِهَانَاتِي  الْفَالِحَةِ  فِي  الْخَيْبَة

الأمينة  عَلَى  وَدِيعَةِ  النَّدَم

حَامِلاً  مَصَابِيحَ  الرُّوح

أُضِيءُ عتَمَاتِ  الْجَسَد

دَهَالِيزَ  خَلاءَاتٍ  تَصْدَحُ  بِزَعِيقِ  الصَّمْت

غُرَفَ  الْخِلاّنِ  وَهِيَ  تَحْفَظُ  حَفِيفَ  الأنْفَاس

تُرَتِّلُ  صَوْتَ  أَبِي  غِيَاباً

حَنِينَ  أُمِّي  الَّتِي  تَشْرَعُ  الأُفْقَ  لِنَشِيدِ  الأَسْلاَف

وَلِلْقَادِمِينَ  مِنْ  حُرُوبِ  الأعْطَاب

الأَسْلاَفُ  الَّذِينَ  كَتَبُوا  تَارِيخَ  التِّرْحَالِ

 وَاسْتَوْطَنُوا  رَائِحَةَ  الْكُثْبَان

وَسَرَّجُوا  الْعِيسَ  لِلتِّيه

وَحَادُوا  أَحْلامَهُمْ  جِهَةَ  الْجَنُوب

الْجَنُوبُ  كِتَابِي  الَّذِي  ضَيَّعَتْهُ  الْقَوَافِلُ 

فِي  رِمَالِ  الرِّيح

كَافُهُ  كَفَنُ

 تَاؤُهُ  تَغْرِيبَةٌ

أَلِفُهُ  أُلْفَةٌ  لِلسَّامِقِينَ  فِي  الْجِرَاح

بَاؤُهُ  بَيْتٌ  بِلاَ  سَقْفٍ

بِلاَ  قِنْدِيل

يَاؤُهُ  يُتْمٌ  يَنْشُرُ  كَآبَتَهُ  فِي  عُيُونِ  الْجُوع

يَمٌّ  يَأْكُلُ  رِمَالَهُ

يَطْرُدُ  النَّوَارِسَ  مِنْ  سَماءٍ  غَائِمَةٍ  بِالشَّمُوس 

وَبِي  عَطَشٌ  لِي

أَنَا  الصَّحْرَاءُ 

أَحْرُسُ  السَّرَابَ  مِنْ  مَاءِ  الظَّهِيرَةِ

أُرَتِّبُ  الرِّمَالَ  لِوَلِيمَةِ  التَّائِهِينَ  فِي  صَحْرَائِي

وَأَضْحَكُ  عَالِياً  مِنْ  مَكِيدَتِي

 

 

(2)

وَأَنَا  هُنَاكْ

أَنْتَظِرُ  الْمَطَرَ  الْقادِمَ  مِنْ  سَمَاءِ  الْعَشِيرَة

أَنْتَظِرُ  عَوْدَةَ  الرُّعَاةِ  كُلَّ  مَسَاء

وَ هُمْ  مُثْقَلِينَ  بِمَكَائِدِ  الذِّئَاب

بِسُحُبٍ  عَبَرَتْ  بِدُونِ  جَدْوَى

بِاشْتِعَالِ  النَّايَاتِ  بِالْحَنِين

وَأَنْفَاسِ  الْغُرْبَة

أَنْتَظِرُ  الْحَصَّادِينَ  الْعَائِدِينَ  وَ هُمْ  يَتَغَنَّوْنَ  بِغُنْجِ  السَّنَابِل 

عَلَى  صَبَابَةِ  الْمَنَاجِل

بِفَرَحِ  الْمَدَى  فِي  وَجْهِ  السَّمَاء

أَنْتَظِرُ  أُمِّي  الَّتِي  تُخَبِّئُ  حُزْنَهَا  فِي  سَمَاءٍ  بَعِيدَة

وَ تَحْرُثَ  الأَرْضَ  بِرَقَصَاتِ  الْمَحَبَّة

أَنْتَظِرُ  أَبِي  الَّذِي  تَرَكَ  دَمْعَتَهُ  الأَخِيرَةَ  وَدِيعَة

الطَّرِيقَ  الَّذِي  حَافَظَ  عَلَى  خُطُوَاتِي  بِلاَ  مَنٍّ

الَّذِي  يَعْرِفُ  ظِلاَلَ  الطُّفُولَة  السَّاكِنَةَ  ذَاكِرَةَ  الْفِجَاجِ

أَنْتَظِرُ  شِيَاهَ  جَدِّي  الَّتِي  تَمْرَحُ  فِي  الْمُرُوج

هَدِيلَ  الْحَمَامِ  الْمُقِيمَ  فِي  أَعْشَاشِ  الْحَيَاة.

 

______________________

قصيدة خاصة لصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب  لندن

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com