عُــشْــبٌ بـِـنُــبـلِ سـَـريــرة
محمد شاكر
شاعر من المغرب
بعضُ العشبِ ،
مِن سَقْط ربيعٍ ، أجْهَضناهُ ،
على باب ِ الحُلول ِ.
بَعْضُ العشبِ ،
يُذكرُني بِأخْضَر، نَسَيْناهُ ؛
في جائحة الموتِ.
بَعضُ العُشبِ ،
يعلِّمُني كيفَ أكونُ ،
بلَوْنِ الحياةْ .
بَعْضُ العشبِ ،
يفْرش ُ لي نمارقَ ،
إذْ تَعَرَّتْ أرضُنا الجرداءْ .
بعضُ العشبِ ،
يمْحو سَوْءات ٍ لنا ،
بزينةِ الأزهارْ .
بعضُ العشبِ ،
يخلعُ بُرْدَتهُ ،
على يُتـمِ الأمــداء ْ .
بعضُ العشب ِ،
يُرمّم سحراً، كسرْناهُ .
سالتْ به ،
جـِرارُ الوقتِ .
بعضُ العشبِ ،
يَبرقُ بالأخضرِ ،
يُحْيي رَميمَ الذاتْ .
بعضُ العشبِ ،
رسالة اعتذارٍ من ربيعٍ ،
تأخرَ في الوصول ِ،
إلى صَحارى الرُّوحِ.
بعضُ العشب ِ،
أعللُ النَّفسَ به ِ،
قبلَ أنْ يـَشْملني اليَبابُ .
بعضُ العُشبِ ،
الأخضَرِ،
أداري بهِ شُحَّ فصولٍ ،
غَيَّبتْ ربيعَ البلادْ .
بعضُ العشبِ ،
بثَوْبه ِ الأخضرِ،
يَحْفظُ ماءَ وجهِ الأرض ِ.
بعضُ العشبِ ،
نَبَّهني ، لِطفلٍ
يُخبِّئُ في ثناياهُ ،
أسْرارَ يومه ِ الجَميل ِ .
بعضُ العُشبِ ،
عَثَرتُ بي ، فيه ِ
أطيرُ خلفَ فراشةٍ ،
بِلَوْنها الجَليـل ِ.
بعضُ العشبِ ،
موجزُ عمرٍ طويل ِ ،
في النَّماء ِ.
بعَضُ العشبِ ،
تَنْشُرهُ ، ذاكرةٌ حُبلى’ بالربيع ِ ،
أزاهرَ، تــُتْلى’
ببَحَّـة ِ عِطْرٍ ،
ونوْرٍ غَزيرِ.
بعضُ العشب ِ،
بـِساط ٌ طائرٌ ، يَطوفُ بي ،
ربيعَ المَجَرّاتْ .
بعضُ العشب ِ،
هل يَبقى على قيْد الخُضرَةِ ،
في مُقبِلِ الأحلامْ..؟
بعضُ العُشبِ ،
إضاءةٌ خَضْراء ،
في غَسقِ اليَباب ِ .
بعضُ العشب ِ،
كأنِّي ، أنا ، في سالفِ الخُضْرة ِ،
والألوانْ .
بعضُ العُشْب ِ،
هلْ ترْقى لُغتي ،
إلى خُضرَةِ مَعانيه ِ..؟
بعضُ العشب ِ،
ليتـــهُ..
يَمنَحُني عُنْفوانَ خُضرته ِ..
لأسمُقَ في الكلامِ ،
بِرقة ِ مَوْسم ِ، يكونُ لي .
بعْض العُشبِ ،
يُلقي قـَصيدتهُ الخَضراءْ ؛
وأنا الحُضورُ الوحيدُ ،
أصَفِّـقُ بِــِنَبْض ِ القَلب ِ.
بعضُ العُشبِ ،
لو بادلني مَواسمَ العُمـر،
لعلي ، أخلعُ كهولتي
في غفلةٍ ،
مِن دوْرةِ الحَيــاةْ .
بَعضُ العُشب ِ،
هلْ يَقْبَلني بجفافِ أحْوالي ِ ؛
لا تُضجرُه
خششخة الأعطاب
في الأعماق .. ؟
بعضُ العُشب ِ،
أرْعى فيه نِمالَ خـَيالي ِ ،
كيْ لا يَضِلَّ الطريقَ ،
إلى مُبْتغاهُ ،
أو يَدوسَهُ حافرُ الموت ِ
في أخضر المجال.
بعضُ العشب ِ،
أصيرُ فيهِ ، نَسْغًا
دافِق الشَّوق ِ،
أسْري في طراوة ِ الأنْحاء ِ
مُبتَهج التيار.
بعضُ العشب ِ ،
يَفْتحُ لي صفحةً خضْراءَ،
من كتابِ الحُبِّ ؛
أقرؤُها ..
بإضاءَ ة ٍ خَفيفة ٍ في الروح ِ
وبوح ٍ عال.
بعضُ العشب ِ،
يُرْبكهُ ذبولي ،
إذْ يراني ، واقفاً ، بلا فَصل ِ.
ولا ألوانْ.
بعض العُشب ِ ،
يُعلمنُي ، كيفَ أكونُ..
بَهــِيـّاً على الأرض ِ
مثل أفنان ِ الزهر.
بعضُ العشب ِ ،
فاقني إفصاحاً ،
عنْ طراوة ِ الإحساس ِ
من غير شِعْر..
ولا ألحان.
بعضُ العشب ِ،
شاعرٌ، أراهُ ، يَشِفُّ
في ضمور ِ الرِّقة ِ ..
والبيان.
بعضُ العشب ِ،
على شفا يباب ٍ ،
يُوَسّعُ مِن خُضرَةِ الأعماق ِ،
لا يَطولهُ خَرابُ العمر ..
بعْضُ العشب ،
كمْ يَلبثُ في عُزلته ِ الخضراءْ
ولا يَشْربهُ شحوبُ العصْـر ..؟
بعْضُ العُشبِ ،
أخْشى على بَراءته ِ،
مِن مَنْسِم ِ الأحْوال ِ ،
في وَحشة ِ القَفـر.
بعُض العشب ِ،
لو تدومُ بَسْمتُه ،
على تجاعيد ِأرْض ٍ ،
غابَ عنها رُواءُ السِّحْـر .
بعضُ العشب ِ،
يُنسيني قسَمات ِ رمادٍ ،
مُحْدِق ٍ بالرّوح
من غير جَمْـر .
بعضُ العشب ِ،
كأنْ لا أملَ سواهُ ،
في سريرةِ الوقت ِ
لانعتاق ٍ من الأسْر.
بعضُ العشب ِ،
كأيِّ جزيرة ٍ ،
في خِضمِّ المَواتْ
تعلو على القهـر .
بعضُ العشب ِ،
لأكتبَ رسالتي الأخيرة ،
لأخْضر الحياةْ
قبلَ أن أثوى
في عتمة ِ القبر.
بعضُ العشب ِ،
قد يَعْتريه ِ ذبول ٌ ،
فأطـْوي لـَوْني
في “ألبوم ِ” الذكرياتْ .
بعضُ العشب ِ ،
آمُل ، لو يُكمِلُ غِطاءَ الوِدّ ،
على عورة ِ الأرض ِ.
بعضُ العشب ِ،
جادّتي ، في انـْمِحاء ِالطريق ِ،
إلى مُدنِ الحُبِّ .
بعضُ العشب ِ ،
لو أنَّ مِنـْجلَ الحِقد ِ،
لا يذْبحُ أحْلامَه الخضراءْ
في حروب العصر .
بعضُ العشب ِ ،
هل تكْفي جُبَّتَه الخضراءْ ،
سَوْءَات ِ أرض ِ
تغوص في الكفـر.
بعضُ العشب ِ،
معي الآنَ..
بآصرة ٍ خضراءَ ،
شقْشقةُ الطيور ِ.
تؤثث ُنَجوانا ،
في كنف ِ السِّتْـر.
بعض العشب ِ،
باستِفهامه ِ الأخْضر ،
يُفحمُ نبضَ القلب ِ،
فلا يُجيبُ رمادٌ
يلبَسُني ساعة العُسر .
لو تشرئب ِ المساحاتُ الخضراء
ضِدا على..
جبروت ِالحيطانْ
بادية الشر .
بعضُ العشب ِ،
هو رغبةُ الأرض ِ ،
في الإفصاح ِ
عن نُبْل ِ السَّريرةْ..
في زمن الكفْــرِ.
================
قصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب. – لندن
عذراً التعليقات مغلقة