ليتَ أنفَاسِي وُهِبْنَ تمثُّلا
لطيفة المسكيني
___________
شاعرة من المغرب
كَم يُسرَج لهذا العِشق من جَواد ؟ و كم يُسرَجُ لأنْفاس المشْتاقِ من سحَابة ؟ أسرارُ النَّفخةِ متناسلةٌ فيكَ كما النَّفس مِن النَّفَس . وإني لأَمسَحُ ساحَاتِ العبارةِ بما أظهرَ و أخفَى ، فأرى . سَلِّط الضَّوءَ على القِبابِ كلُّ الجِهاتِ واحِدةٌ .
فيكَ آلاءُ هذا الطَّلْعِ و سرُّكَ من هذا الصَّيّبِ . دُونَكَ الطِّينُ ، و قد تبدّتْ في غفلةٍ منك النار . خُذهَا ، رَشَّةً مِن ذُرى الفُتُون .
حَان الوقتُ . فيمَ اللَّبْثُ و المكْثُ و قدْ صافحَ الخدَّ الأَديمُ ؟ صَعِقٌ مِن دكِّ الجبلِ ، ورُوحٌ كالطائر مُسْتَقِلَّة إلى غَيبِها . لا وِرْد ينفعُ و لا حبلٌ يمنَع . اُدْنُ أيُّها الظَّبيُ الأَغَر .
جَمعْتَني بكَ على أمْرٍ أنتَ صاحبُه و تَنسَّم الأوانُ و أثمرَ . فما ظنُّكَ ببذرةٍ هذا وَصفُها ؟؟ لم يحجُلها كُنٌّ و لا حائلٌ ، و لم تَذوِ نَضْرتَها وقدةُ قيْظٍ أو قَرٍّ . تعوَّذْ من الناطقِ بالصامتِ فيكَ ، و اثْبُرْ ناشِراً سمعكَ فيما دقَّ ورقَّ ، لعلَّه يُقِيمُكَ فيما أنتَ أهلُه.
ليتَ أنفَاسِي وُهِبْنَ تمثُّلا و قَد تَنسَّمَ الشوقُ . لا ترجمانٌ فتَبسَمُ الصفاتُ بين صُبْحَيْه ؟ زفرةٌ تَنْقعُ و تَمنعُ، و شهقةٌ ترفعُ و تقطعُ، و ما بَينَهما فراغكَ المسْجُور . ليْتَ أنفَاسِي وُهِبْنَ تمثُّلا ، فأُرسلَها في بساتينَ تأْرَجُ بزكيِّ الطِّيبِ حجَيِجاً بين يديكَ .
تَرَاقصَت الأكْمامُ ، بادِرْ ، هذا الصباحُ لملْءِ النبيذْ ، وزهرةُ العُمرِ عجلىْ ، تبادرُ بالفناء البعيدْ .
سَلَّتِ النَّفائسَ من الأنفاسِ وطابَ مَاؤُها . ذيْلُ صَمْتِكَ كسرِّ الصدى يُرْهَبُ ويُتَّقى ، عجِبتُ للحركاتِ إذْ فوَّضَتْ أمرَها للسُّكون . هذا بيتٌ أنتَ ساكنُه ، استباحَ سِرَّ لغاتكَ . أيُّ نعْتٍ يَسَعُ عُذري و الصَلْبُ أَعفَى مِن الأسْرِ ؟
مُشوِّقَتي دَندَنتْ و الرَّبَاب ، كلُّ رُؤْيةٍ حِجَاب .
أنا بيتُ النقْطة ، و هذه الأسماءُ من نَسْج جِنْسها . تَأَتَّى لَهاَ الوَصْفُ و الوَصيفُ و فَاحَ نَاطِقُها . أجْزِلي أيتها الورقاءُ بالجَنَاح وطارِحْها سحرَك أُّيها الغصنُ الَّظِليل . لاَحَ ظلٌّ وغَاب ، ينازعُني وجهيَ فوق التراب.
عقْلُكَ علْقَمكَ ، مُتْ بِداءِ الجُنون .
______________________________
قصيدة خاصة لصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة