الكاتبة السورية ماجدولين الرفاعي لاتزال.. على قيد الشَّوق

 على قيد الشَّوق

ماجدولين الرفاعي

________________

كاتبة وصحفية سورية

مقيمة في هولندا

إليها مع الحب..

لو يعود بنا الزمن قليلاً، أو ترجع أوراق التقويم إلى ترتيبها القديم كما كانت قبل سنوات، لأمسكت يدك وعدنا معاً إلى ساحة سعد الله الجابري في حلب حيث الضجيج الموشى بأحلام الفقراء وجلبة السيّاح، وعدنا لتسلق أدراج قلعتها الرابضة بكل اعتزاز كإمبراطورة رومانية باذخة الجمال، كنا عرّجنا معاً على حمص العدية والتقطنا الصور التذكارية عند دوار الساعة ونحن نحمل علب حلاوة الجبن التي لم نكن نصبر حتى نصل وجهتنا فنستل بضع قطع منها ونعاود تغليفها من جديد..

لو يعود الزمن بنا لكنا واصلنا طريقنا إلى حماة فللنواعير لو تنطق ألف حكاية وحكاية وثّقتها ضفاف العاصي ذات وجع،لو يعود بنا الزمن قليلاً لشربنا الشاي معا على الجسر المعلق فوق الفرات في دير الزور وتركنا فرصة للشموع كي تتراقص ليلاً على سطحه وتراقصنا معها..

لو يعود الزمن قليلاً لعدنا للسهر في بيت الياسمين بدمشق وطلبنا من عازف العود أن يكرر المعزوفة التي اعتدنا أن نطلبها منه وسوف نرقص معها بالتأكيد قبل أن يصعد بنا الطريق الجبلي إلى قاسيون عند الفجر لنرقب أسراب الحمام وهي تغادر المآذن ملوحة للشمس التي أيقظها الصباح بقبلة رطبة على الجبين..

لو يعود الزمن قليلاً لرافقتك إلى حوران وشرشف قصبها وبيادر حنطتها، وإلى عرائش عنبها كنت ستتذوق أطيب وأشهى أرغفة خبز معجونة باليانسون وحب البركة وكنت ستلمس كرم أهلها وهم يقدمون لك القهوة العربية في فناجين فضية ..

لو يعود الزمن قليلاً لدعوتك إلى السويداء وأنت تعلم محبة أهلها للفرح فابتسامات النساء هناك مسروقة من أحمر تفاحها وضحكاتهنّ عليلة مثل هواء الجبل الأشم..

لو يعود الزمن قليلاً لكنا استدركنا أننا قد نفقد جنتنا سوريا ذات حرب فنجوب مدنها وقراها، مصايفها ومشاتيها، ساحلها وجبلها، أوابدها ومزارتها، قلاعها ومدارجها، لجعلنا من ترابها حناء أعراسنا ومن نعناعها أقواس نصرنا..

فقط لو يرجع الزمن قليلاً لركعنا فوق أرضها وقبّلنا حجارة جبينها وطلبنا منها السماح والمغفرة.

_______________________________________________

خاص بصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب – لندن