سنيا الفرجاني شاعرة تونسية.. كقبلة في أسلاك هاتف

28 فبراير 2019
سنيا الفرجاني شاعرة تونسية.. كقبلة في أسلاك هاتف


سنيا الفرجاني

شاعرة من تونس

بعد الشعر لن أبقى

بعد الشعر لن أبقى.

مطبقة أسناني، صحفة البلور أمامي فارغة،

سأكيل بها القصائد الهشّة،

تِبْنا للخِرَاف،

وسأرمي الباقيات حصى،على أنباء،جاء بها العدم،

فأعدمتني.
لن أنقل السماء على البحر،

ولا الشرفة إلى الغرفة،

سأضمّد رأس الأرض، بالعِرْضِ

وأضع المكيال في فمها.

لا تقضمي حلمي أيتها المسمّيات،

ولا تستحضري طبق النجوم 

لرجمي،
خذي براهينك من الشعر ومن فمي

وإن شئت تدافعي نحو دمي

كطيور عمياء.

الوقت عبث أرقام ،

تقاذفتها القطط بين قوائمها المتسخة،

ضاقت على بعضها وانكسرت،

وضاق الوقت عليّ.

زلّقتني،
فانزلق القدر الذي كنتَ تُعجن فيه،فوق يدي،

تساقط رقم طويل كغدير

أوقع قارورة الماء على الكتاب.

لاتطرق الباب وأنت تصل

صوتك يضرب رأسي

كما تضرب الغوريلا صدورها في أفلام الكرتون .

أنا مشتاقة،

أحاول تجميع القدر الممكن من القمصان

أضعها أكواما أمامي،

أغسلها،
أنشرها،
أجلس حتى تجف،أجمعها،

أكويها،
أطويها،
وأنتظرك قليلا،

أظن مرّ الوقت،

كقبلة في أسلاك هاتف طويلة،

وتمدّد  حزني

كجرذ  مسموم  في  سقيفة  جدي .

حين  أشتاق  إليك،

يصير العالم غريبا ، وقذرا ،

ولا  أستطيع  الثقة  إلا  بالعقارب .

للوقت عقارب ،

تخفف وزن الأرض  فوقي

حين  تمرّ ،

وللعقارب ، قارب ،

يقطع  مسافات  غامضة  بمجدافين .

العقارب  قواربي  إليك إذا

والسمّ  ما  يحدث  بين  غيابك  والعودة.

عدْ،
عدْ ، كضرير  يبحث عن  ضريرة  بأسنانه ،

سوف  لن  يعثرك  الليل ، 

ولا  قوائم  الخيل  المتروكة  عمدا على  أبواب  البيوت.

الأحصنة  كذبة  فرسان

والفرسان  مطيّة  التاريخ  الذي  ظل  جاثيا 

كثدي  مترهّل 

فوق  امرأة ،  شاحبة ،

شيعت  حلما ،

لم  ير  نهدها 

حين كان كصرّة  فوق  كتف سجين  قديم.

لن  تسقطك  القوائم

عد  ضريرا  لضريرة

وتعلّما السير  معا

بأٍرجل هلامية  تحرّكها  عظام  الحب.

لاتطرق  الباب وأنت  تصل،

صوتك  يقرع  رأسي،

كأغنية  أخيرة  في  حلق  الإنسان.

صوتك ما أخفق القرد  في  تقليده

منذ  سقطت  موزة

وانزلق  نبيّ  فوقها.


أشرحك أيها الحب

لم  أجد في الأسطورة  ما  يكفي  لأشرحك   أيها الحب،

الواقع  قذر

والحقيقة  خيال  مستأنف.

سألت  رجلا  عابرا  في  الزحام،

كان  يلبس  نعلا، أكبر من  مقاسه،

وكان  حزينا ،  يتثاءب  و لا يخفي فمه ، بكفه ،

قلت: هل  تعرف  أين  يباع  ” الأثمد الأسود “

نظر في طويلا ،

قال :  في عينيك .

ومضى  مسرعا ،  كمن  خاف  سقوط  القمر عليه .

هذا الرجل، شرح  لي إذا  سطرا  أولا

وهرب .

لا أعرف  أين  أنا الآن ،

يحمل  المكان  لون  صاحبه ،

أرى  الأزرق  هائجا ،

هل  هذه  حالة رغبة ، أم رهبة ؟

أخشى أن تكشفني الغابة المجاورة ، و يبتلعني الوَحَشُ .

ضربتني  الريح   بأسنانها  على  جبيني

فأيقظتني ،
لم  أعرف  اتجاه  وجهها

لأردّ  الصفعة مرتين .

احترام الريح ، هتك روحي

والسير في الغابة الظليلة

إمساك،  يؤلم  العمر

لا يليه  إسهال ،

ولا يتغطى  بشيء.

عارية  كل  النصب  التذكارية 

إلا  نصبي  معك

غطيتها  بهذا  الشَّعر  الطويل  الأسود

وأقمت  ليلة  في  خرافة

كانت  وحدها  تكفي

لأعيش  الطقوس  كاملة ،  مع  قوة  الحب

وقوة  القوى  التي  لا  تعرفونها .

في  التاريخ  سرت  حافية ،

كي  لا  يعلق  شيء  في  حذائي

ما  تسرّب  بين  أصابعي ، سأغسله  في  البحر ،

في  الواقع ،  سرت  بجوارب ،

ثم  غسلتها .

على  الشاطئ ،

 سفينةٌ  مكسورة  لن  تدخل  الماء  مرة  أخرى،

وصيادون ، يتحدثون  عن  الشيخ  و البحر ،

وامرأة  تبيع  الشاي،

سألتها: هل  تعرفين  أين  يباع  الأصفر  الفاقع؟

كان زر سترتها الحمراء ، يتدلى  كأنه  قرط  صدئ

أدخلت  يدها  في  نهدها ، أخرجت  عقدا  من  خرز  أبيض  قالت:

مافعله  الحب  بي

أصفر  فاقع

ومافعلته بالحب

خرز  ناصع

باعني  الحب  وبعته ،  لأشتري  إبريق  شاي  وكؤوسا  مستعملة.

هذه  المرأة   شرحت  سطرا   ثانيا  إذا

ورفعتْ  ألوانها  بالتدريج،

لتسقط فوق قلقي.

أشرحك أيها الحب:

أنت نقطة خلفي، ونقطة أمامي.

أتسلّق لأصل.

وأنحدر لأعود.

لكنه  الوهم  الأخضر.

هنا،  في  جوف  الجسد،

كائنات  تُربّيك  أيها  الحب

وخارجه ، كائنات  تعرّيك.

هل  يسمّى  السمك  سمكا ،  حين  يشوى ؟؟


قصائد خاصة لصحيفة قريش/ ملحق ثقافات وآداب- لندن

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com