سعيد أكزناي شاعر مغربي.. يقدِّسُ المشي صوبَ الأقاصي

8 ديسمبر 2019
سعيد أكزناي شاعر مغربي.. يقدِّسُ المشي صوبَ الأقاصي

ثلاث قصائد: حكايَا طريق و البَّحارة المتعُبون وسِفرُ الأسفَار

سعيد أكزناي

شاعر من المغرب

 

حكايا طريق

أصيخُ سمعي لهذي الطَّريق التي لا يسمعُها غير الغريب

أقدِّس المشي صوب الأقاصي

أركب موجا لا يُرى

فرافقيني أيتها النوارس

كي أتعلم أبجديات الغوص فيّ

رافقني أيُّها الحَمام

كي أعلنها هدنة مؤقتة معي

تمهل أيها الحِمام قليلا

ريثما أوضب هذي الحِمم الهادرة فيّ

فما أنا إلا جندي بلا أحذية

في حرب بلا أسلحة

أصيخ السمع لطريق لا يسمعها غير الغريب

الطريقِ التي تحفظ منذ بدء الخليقة خطونا

همسنا

خوفنا

أحلامنا

ما أنا إلاّ فلاح مقتنع بأن الصحراء تزرع

فصار يذرعها بكلمات لا تسد باب الريح

ويرفع للمطر كفيه

ما أنا إلاّ صياد يحاول الصيد بصنارة اللغة

يسند ظهره للمجاز، كي يصرخ من غير صوت

“الغريب أخ الغريب”

أفتسمعني أيها الغريب مثلي ؟

أترى هناك أثر خطوي،

مذ قدت الريح مني البنان ؟

إني أرى هنا أثر الخطو

أسقيه من ماء القلب

ثم أمضي أردف الأثر بالأثر

وأنا أصيخ السمع لحكايا الطريق

البحَارةُ المتعبُون

البحارةُ لم يجدُوا موجًا ليركبوه

يجترون آهاتهم مبللة في كأس شاي

ويقرؤون الطالع كل مساء في غرفة بلا ضوء

البحارة المتعبون،

يرقصون كل ليلة رقصة الفراشات الأخيرة

بيد فارغة، وأعين مفتوحة على الهباء

ينصتون للريح تجتر آهاتهم

ويلعبون النّرد على طاولة الذكريات

البحارة المتعبون،

بلغة الصمت البليغة

يدبجون المراثي

فتنصت الريح، تحملها صوب الأقاصي

حيث بحارة متعبون يلعبون النرد

وينصتون للريح تجتر آهاتهم

البحارة المتعبون،

يبنون بيوتهم من جريد النخل

يُفسحون مجالا لأعشاش العصافير في السقف

                                                     والقلب

وبوجوه ضامرة

وحدقات شبه مطفأة

ولثغة لا يخطئها القلب

يشرقون عليها كل صباح

سِفرُ الأسفَار

يا ولدي

أأنت وحدك من ينوء بكلكل هذا السير ؟

أترابك قد مروا

وأنت تحدق في الغيم الشارد،

أما يروي عطشا 

ذاك الماء المسفوح لدى الأعتاب ؟

يا أماهُ، الأرضُ

أنا ابن القمح المنذور لمنقار الطير

أنا ابن فسيلة نبتت بين الأحراش

لم أتعلم أبدا كيف يكون

فقأُ الأبصار

ولا المشي بلا أشواكْ

ها أحمل في قلبي سِفرا من أشعارٍ

وأغاني الطير لدى الأسحار

يا ولدي

أنت بهذا الثقل تسير

والطُرق الجوعى تأكل منك الأقدام

خفف يا ولدي من كلكل هذا السير

يا أماهُ الأرضُ

إنْ قدمي تأكلها السبل

فالقلب جناح أحميه

أعلمه في كنف التسآل

أعلمه أن السير بلا قدم

خير من شَبَهِ الخطوات

وأن الخبز، تتخاطفه الطير

خير من خبز الأمصار

قصائد  خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com