فِي الْمَوْجِ نارٌ.. هَاكِهَا
محمد علي الرباوي
شاعر من المغرب
(1)
وَقَفَ الطِّفْلُ أَمَامَ الْبَحْرِ.
رَمَى حَجَراً فِي الْمَاءِ.
رَأَى شَيْئًا يَمْلَأُ بِالْخَوْفِ
وَبِالدَّهْشَةِ عَيْنَيْهِ،
لَا يَدْرِي مَاذَا كَانَ.
أَكَانَ الْحَجَرَ الْأَمْلَسَ
أَمْ كَانَ الْبَحْرْ؟
(2)
سَاُسَـمِّي الشَّمْـسَ لَيْــلَى
وَأُسَمِّـي الْبَـحْرَ لَيْـــلَا
وَأُسَمِّيكِ صَلَاتِــــــي
وتَـسَابِيـحَـكِ خَـيْــلَا
يَمْـتَـطِيهَا القَلْـبُ حَتَّــى
أَقْـطَـعَ اللَّـْيلَ بِلَيْــــلَى
(3)
عُدْ أَنْتَ إِلَيْكْ.
عُدْ أَنْتَ فَهَذِي الشَّمْسْ
هِيَ أَجْمَلُ حِينَ تُطِلُّ عَلَيْهَا
وَهْيَ مُخَبَّأَةٌ فِي وِدْيَانٍ
تَجْري بَيْنَ مُرُوجِ ضُلُوعِكْ.
عُدْ أَنْتَ إِلَيْكْ،
حَدِّقْ فِي كُلِّ شُعَاعٍ
يَتَأَجَّجُ مِنْ عَيْنَيْهَا
حَدِّقْ كَيْ لَا تَفْقِدَ عَيْنَيْكْ.
(4)
لَهَا جُرْأَةٌ وَحَيَاءْ
بِنارِهِمَا الْبَحْرُ جَاءْ
فَصِرْتُ أَنَا غَيْمَةً
تَشُقُّ عَنَانَ السَّمَاءْ
وَصَارَتْ بِصَدْرِي غَزَالاً
يُبَشِّرُنِي بِالْبُكَاءْ
(5)
وحِينَ سَلَّتْ سَيْفَهَا
قُلْتُ لَهَا: هَا عُنُقِي
إِنَّ دَمِي مُطَهِّرِي
مِنْ كُلِّ هَذِي الْحُرَقِ
– 0 –
حِينَ دَخَلْتُ الْبَحْرَ
أَدْرَكْتُ الْمُنَى فِي الْغَرَقِ.
فِي الْمَوْجِ نارٌ.. هَاكِهَا
وَاشْتَعِلِي وَاحْتَرِقِي
مُدِّي يَداً لِلسِّنْدِبَادِ
ثُمَّ مَعْهُ انْطَلِقِي
ومِنْ فِجَاجِ ضِلْعِهِ
اْمْتَدِّي سَناً وَانْبَثِقِي
– 6 –
إنَّ لِلْبَرَّاقِ عَيْناً قَـدْ رَأَتْ فِيكِ الشَّبـَابْ
وَرَأَتْ فِي أَرْضِهِ الْجَرْدَاءِ جَـمْراتِ الْيَبَابْ
فَإِذَا مِنْكِ دَنَا بَايَعَهُ بَحْرٌ فَــغَابْ
وَغَدَا طِفْـلاً جَمِيـلاً مَلَأَ الْكَأْسَ فَغَابْ
– 7 –
تَحَدَّثِي عَنِّي..
وَحَدِّثِي الْحُقُولْ.
أَنَا حِكَايَةٌ طَوِيلَةُ الْفُصُولْ.
مَطْلِعُهَا فَجِيعَةٌ
خِتَامُهَا لَحْنُ الْغِيَابْ.
قُصِّي تَفَاصِيلِي
وَلَا تُخْفِي عَلَيْكِ
مَا بِتَاريِخِي الطَّوِيلِ مِنْ عَذَابْ
قُصِّي..
وَبْعَدَ الْقَصِّ أَحْرِقِينِي.
أَنْتِ بِإِحْرَاقِي أَنَا
تُحْيِينِي
(8)
قَالَتْ عَروسُ الْبَحْرِ:
هَلْ أَنْتَ هَجَرْتَ الْبَحْرَ،
مَا عُدْتُ أَرَى
ظِلَّكَ فِي هَذَا الْفَلَكْ.
سَيِّدَتِي
اَلسِّنْدِبَادُ الْبَحْرُ قَدْ جَلَّلَهُ
وَجَلَّلَكْ.
إِنْ لَمْ تَسُخْ فِي الْجَمْرِ فُلْكُهُ
هَلَكْ.
(9)
عَارِياً جِئْتُ.
رَقَّ لِضَعْفِي حَبِيبِي،
فَكَسَانِي.
وَحِينَ أَخَذْتُ الطَّرِيقَ إِلَى جَمْرِهِ
اْشْتَبَكتْ قَدَمِي بِالتُّرَابِ
وَلَكِنَّهُ مَا رَمَانِي
قصائد خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة