وَشوَشاتٌ عِندَ بابِ القَلَق
جمال أزراغيد
شاعر من المغرب
ــ 1 ــ
كُلّما حدّقْتُ في عيْنَيْكِ الكَحيلَتَيْن
أَدْرَكْتُ أَنّي جَميل.
ــ 2 ــ
كُلّما احْتَسَيْتُ جَسدًا
تَطهّرْتُ
مِن آثامِي الثقيلَةِ على الأرْضِ
صِرْتُ كَأَيّةِ ذَرّةٍ طائِشة
أَيْنَما ارتَحَلتْ أَكون…
ــ 3 ــ
كُلّما أَوْصَدْتُ البابَ
قُلتُ في نَفْسي: لَنْ أَعود
لكنّ عِنْدَ مُنْتَصَفِ الحُبّ
أَجِدُني
تائِها في رُبوعِ الليل.
ــ 4 ــ
كُلّما أشْعَلتُ قَلْبَ امْرأَة
تَأَخّرَت قَدماي
عنِ المَوْعِد.
ــ 5 ــ
كُلّما أَنْشَدتُ قَصيدةً في شَعْبٍ
تَبَلْبَلَ لِساني
وَرَدّدت المِنَصّةُ مَعي
كَلِماتٍ لا تُشْبِهُني.
ــ 6 ــ
كُلّما جالَسْتُها على مرأى الشّيحِ
أُغازِلُها
بِما تَرَسّبَ على لِساني مِن فَرحٍ
اشْتَدّتِ الرّيح.
ــ 7 ــ
كُلّما ارتَمَيْتُ في البَحْرِ
عارِيا مِن أَلَمي
تَحلَّقَتْ حَوْلي الأمواج
راقِصَةً
على ضَوْءِ الشّمْس
تَسْأَلُني عَن شبيهي الغارِق في النّهْر…
ــ 8 ــ
كُلّما فَتحْتُ كُتُبَ التّاريخ
تَعالَتْ، نَحْوي، أَعْناقُ الحُروف
تَسأَلُني:
أَيْنَ الرّيف مِن شَمسِ العالَم؟
قُلتُ لَها: يَكْفي أَنّي مِن هُناك…
ــ 9 ــ
كُلّما نَثَرتُ خَطوي على الطّريق
تَشَهّاني الرّحيلُ
فرْدَةَ حِذاء
تَكَوَّمَ فيها القَمَرُ الوَثير.
ــ 10 ــ
كُلّما زَرَعْتُ الحقيقَةَ في مَفاصِل النّص
خاصَمَني المَجازُ
لأَنّهُ أَوْلى بالكَذِبِ…
ــ 11 ــ
كُلما سافَرْتُ
تَيَقّنْتُ أَنّي جَديد.
ــ 12 ــ
كُلّما نَطَقتْ جَدَّتي بِالأمازيغيّةِ
فَهِمْتُ هُويّتي
وَقُدتُ جَحافِل تيفناغ
إِلى مُعَسْكَرِ اللغات
مَزْهُوًا بانتصاري.
ــ 13 ــ
كُلّما عاكَسَتْني شاهِدةُ بالمَقْبَرة
أَذِنْتُ لِلْقَصيدةِ
أَن تَكونَ مَثْواي.
ــ 14 ــ
كُلّما أَضأْتُ طَريقي
بِما تَحَدّرَ
مِن أَطاييبِ الضّياء
سِرْتُ وَحيدًا
مَسافةَ عِشْقٍ
أَلْتَقِطُ الوَشْوَشات
مِن أَعْشاش الوُجود.
ــ 15 ــ
كُلّما عَسْكَرَتِ الذِّكْرَياتُ على بابِ القَلَق
اطْمَأن قلبي عَلى زَهْرَةْ الَحديقَة
التي نَبَتَتْ في أُمْنِيَتي.
ــ 16 ــ
كُلّما عَنْوَنْتُ شارِعًا إِلى ذاتي
خِلْتُ نَفْسي مُفْردًا
أَقْضِمُ التّفّاحة
على صَدْرِ الأرضِ
عائِدًا إلى الجَنّة.
ــ 17 ــ
كُلّما أَرْقَصَتِ الموسيقى
مَوْجَ القُدود
تَعوْلَمَ الُعُرْيُ
في نَوْجِ الأثير.
ــ 18 ــ
كُلّما صاغَتْني المَعاني لِفافَةَ تَبْغ
اهْتَزَّت أَنامِلي مِن شِدّة الحريقِ
وَطالَبَني الحَرْف
أَن أَكْتبَهُ أَعْمى
يَتَلَصّصُ على العالَمِ
أَوْ، على الأقَلّ، بَصيرًا
يَتَمَسّحُ
بِأَعْتابِ البَياض.
ــ 19 ــ
كُلّما رافَقَتْني أُمّي إلى الماكْدونالْدز
تَجشّأتْ مِن غَيْر شَبَع
وَعادَتْ، للِتّوّ، مُسْرِعَة
تتَفقَّدُ فَطيرَتها في التّنّور
وَتَسْأَلُ جارَتَها العَمْياء
عَن معْنى العَوْلَمة.
ــ 20 ــ
كُلّما رَمى بِي الحَنينُ لِلْمَدينةِ
المُلَثَّمةِ بِالقَلَقِ
أَبْهجَني قَمَري
بِما هَبَّ مِن هَوى وَهَواء
عَلى شَفَةٍ
تُلامِسُ لَوْنَ الشّفَق.
ــ 21 ــ
كُلّما انْغَمَسْتُ في الحَقيقَة
تَوارَت الكَلِماتُ
تَسْتَنْجِدُ بِظِلّي.
ــ 22 ــ
كُلّما نظَرْتُ في المرآة
بِعَينِ الآخَرِ
أَدْرَكْتُ قُبْحي.
قصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة