مجدالدين سعودي
– المغرب
القسم الأول
برولوغ
أصبح الزجل المغربي المعاصر يتخذ وجهة جديدة ، حيث خرج من جلباب التقليد والسكون ، ليكتسي طابع الحداثة ، وان كان (ادريس مسناوي وأحمد لمسيح واحميدة بلبالي وغيرهم) حملوا مشعل التجديد ، فقد ظهرت أسماء جديدة لها بصمة التجديد ومناقشة القضايا بعقلانية والبحث عن الوجود عبر السؤال والبحث عن صيغ جديدة لتمرير خطابها الوجودي والفلسفي والكينوني والكوني ، حيث أصبحنا نستمتع بقصائد كل من (عزالدين الشدادي ، محمد لعصايب ، عبد العظيم الرطيبي ، محمد حديش،عبدو سلطان كاسيمي وغيرهم( …
وكل هذه الأسماء تواصل مسيرة الابداع مستفيدة من الزجل المغربي القديم وغيره ، لتساير العصر وتفتح آفاق واعدة وجديدة للرقي بالزجل ومتابعة المشوار …
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
1 في السيرة الذاتية
_ _ _ _ _ _ _ _ _
شاعرة وزجالة …
اجازة في اللغات، الآداب والحضارات الإنسانية.
شاركت في عدة ملتقيات أدبية داخل وخارج المغرب…
لديها صالون أدبي بأكادير ..
حصلت على عدة جوائز وتم تكريمها بعدة ملتقيات ثقافية … ..
نشرت بعدة جرائد ومواقع الكترونية (جريدة الإتحاد الإشتراكي ،موقع هسبريس …)
2 في الإصدار
صدر للشاعرة أسماء بنكيران ديوان شعر بعنوان (حر لكلام – تليه الرباعيات) ، الطبعة الأولى سنة 2013 ، عن دار التوحيدي ، واللوحة وتصميم الغلاف للفنان التشكيلي بوشعيب خلدون ، ويضم الديوان 21 قصيدة إضافة الى الرباعيات . والديوان مرفوق بشريط صوتي لكل القصائد .. يقع الديوان في 92 صفحة من الحجم المتوسط
ويضم 21 قصيدة ورباعيات واللوحة وتصميم الغلاف للفنان التشكيلي المغربي بوشعيب خلدون …
في الاهداء
جاء الاهداء بطعم الزجل :
(( ( حر لكلام) ديواني
هو فرحي اللولاني
لمن نهديه …؟
نهديه ل كل من قراه
وتهجاني
ونهديه للحرف … نهديه
ونقول : ماشي خسارة فيه
ياك الحرف … هو اللي حياني . الصفحة 5 ))
وبهذا تعترف أسماء بأهمية الحرف في مسيرتها الإبداعية وفي تقديسها للحرف، هذا الأخير تستطيع بواسطته تمرير خطاباتها والتعبير عن مشاعرها وأحاسيسها…
القسم الثاني
الفصل الأول :حرالعشق
الذات العاشقة تسافر مع المحبوب في سفره وتناشده في قصيدة (السفر):
(ف السفر
خلي ريحتي … ديما معاك
خلي أسما … قريبة حداك
لا تأخذ ف يديك
شنطه
خلي
قلبي آخر محطه الصفحة 8 )
وبلغة الترجي ، تقول في قصيدة (توحشني …عفاك) :
(( تْوَحَشْني … عَفاكْ
يَا اللِّي مْقَطَّرْ من عَينِيَّا
وْمْحَبتكْ نَخلة مَغْروسة فِيَّا
خَلـِّي عَينيكْ اتْشَهى الشُّوفَهْ فِيَّا
خَلّـِي عَينيكْ تَلْبَسْني
تَسْكُنـِّي
تَغرقْ فْ بْحورْ عَينِيَّا
خَلِّي امْواجْها … تَحْرقْني
تَسرقنِي من ذَاتـي
خَلِّيها… تزْندْ فْ دَمعاتِي
وَفْ كُلْ دَمعَة… صُورتكْ تْبَانْ
تْرقرَقْ فْ كُلْ مْكانْ
تفْرَحْ شِيبْ وْشُبـَّانْ
يَمْكنْ تْمَّ … الحُبْ يْبانْ
“تْوَحَشْنِـي… عَفـاكْ” الصفحة 9 و10
لقاء الأحبة سيكون بطعم البهاء اذ تقول في قصيدة (عرصة الزيتون) :
(( نْهارْ تْجيني
هَذاكْ نْهارْ السَّعْدْ
نْقَطَّر مُومُّو دْ عَينِيا وَرْدْ
وْنْفَرْشو لكْ فْ لاَرضْ
وْنقولكْ : زْطَمْ
هَاكْ قَطْرة … مَنْ دَمِّي
زيدْ ليها قَطْرة مَنْ دَمَّكْ
وْديرْني شَهْدَة… في فَمَّكْ
تبْنَّن نِّي
حَلِّي بِيَّا… بِيَّا حَلِّي الصفحة 50 و51 ))
انها حلاوة (عرصة الزيتون):
(( يَمكن غَدَّا تْوَلِّي
لْعرصَةْ الزِيتونْ
وْتَنعَسْ
فْ دَاكْ الشُّونْ …. اللِّي سْطَّاكْ
يَمكنْ
نباتْ حْداكْ
نعاودْ ليكْ… خُرَايْفَهْ
وإيْلا شفْتِ
نْظَرْتي… تالْفَهْ
عْرَفها فيكْ
ومن فراقكْ …
هِيَّ خايْفَهْ !! الصفحة 51))
بينما في قصيدة (الحبيب اللي تنساين ) ، لقاء الأحبة رائع وجميل :
(قالي :
فين ندي لالة مولاتي …؟
قلت ليه …
خدني لقلبك
ساريني فيك
وسافر بيا فيك
أنا رهن الإشارة
أنا عبد الامارة … الصفحة 53 )
لذة العشق رحيق ، وهذا ما نجده في قصيدة (البطحاء 61 ) :
(شحال ترجيتو … ما جاني
شحال تسنيتو … عاداني
وك شفتو … ف بستاني
يمكن ف البطحا
يمكن ف جنان السبيل
تما … قلبي بدا تيميل
تما
الشعر بدا … تيسيل
من فمي
ومن لساني الصفحة 61 )
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
الفصل الثاني :حر التجليات
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
بوج صوفي ، تسافر بنا الشاعرة أسماء بنكيران في عالم لامادي …
تقول في قصيدة(تايهة ف بابها) :
(جيت نزورك ف جنح الليل
وقفاتني حمامة على بابك
قال لي تايهة ، مجذوبة
آش جلاك واش جابك؟. الصفحة 11 )
ويكون الجواب :
(مشيت ف دروب العشق
لكن دربك ألالة مولاتي طويل
غارقة فيه من ساسي لراسي
كل مانقول وصلت
نعاود نبدا … الصفحة 15 )
هو جرح روحي يسكن الذات الشاعرة ، تقول في قصيدة (جرحي فيا ارعى):
(ما بيا
حرت معاه
وحار بيا
ما لقيت ليه دوا
ما لقيت ليه سميا … الصفحة 19 )
انه داء مستعصي :
(ايلا بدا
تقولو : هدا
هذا
ما قريناه ف كتوب
ما حكاوه جدود
ولا نطق به المجذوب… الصفحة 22 )
انه الجرح العميق :
(طريقو مشبكة
تنسيك الألف
وتنسيك اليا
جرحي جبل
ايلا تململ
يحرق النحله ف طلع النخل الصفحة 23 )
في قصيدة (تاتا) ، التي تعني (الحرباء)، تبرز الشاعرة أسماء بنكيران كل تناقضات الحياة التي نعيشها :
(مَرَّة تضحكْ لِيكْ
وْمَرَّة تضحكْ عْلِيكْ
تْفَرَّج العديانْ…فِيكْ
تْرَدَّكْ فْ عيونهمْ… شْماتَهْ)
وكذلك :
(الدنيا…تقُولها تَاتَا
تْعَلّيكْ
الفُوقْ…الفُوقْ
تْحطَّكْ فْ شْجَرْ… الشُّوكْ
تْدَفنكْ وانْتَ حَيْ
لا شمَعةْ
لا نُورْ…لا ضَيْ
يْوَلّي فَمَّكْ مْخَيَّطْ
وتمشي حْوِيَّطْ…حْوِيَّطْ)
الذات الحكيمة تحاور ذاتها تقول في قصيدة (سفينة الروح):
(بغيت نلقا … نفسي
عييت نجري وراها
ضاعت مني … ف رمشة عين
ضاعت مني … ما عرفت فين
واش من ريح جلاها … الصفحة 45 ) ……
وبعمق كبير ومكاشفات روحية تواصل:
(الجرح زرع سيوف ف الذات
والفرحة كبرات
ف عيون من عاداها. الصفحة 46 )
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
الفصل الثالث:حر الهوامش
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في قصيدة : ( نــورا ) والتي أهدتها لكل امرأة انتهكت في إنسانيتها ، تلتجئ الشاعرة أسماء بنكيران للحكي :
(كَانْتْ نُورَا
الزِّينْ فْ الحَرْف والصُّورَة
مُونَالِيزَا
لوحة فْ الخاطر مَحْفُورَة
وَاللِّي شافْها يَعْشَقْها
الصْوَابْ والأدَبْ يسْبَقهَا … الصفحة 27)
وتواصل على نسق الحكاية المغربية القديمة والتي وظفها الشاعر محمد الباتولي في قطعة (كان يا ما كان) والتي غناها الموسيقار عبد الوهاب الدكالي ، فتقول أسماء بنكيران :
(وَفْ لِيلَة زَغْبيَة
ماكانْتْ فْ البالْ
ماكانتْ فْ النِيَّة
هَبَّتْ رِيحْ قْويَّة
جابَتْ مْعَها غُولْ
غُولْ … واشْ مَنْ غُولْ
حَطْ جْناحُو فْ لمَدينَة
و نُورَا
البنْتْ المسْكينَة
قْراتْ فيهْ لاَمَانْ
دَوَّخْهَا بْحلاوةْ اللسانْ
تْعَشَّا بِيهَا.. وْتْغَدَّا
كْلاها لْحَمْ… وَرْماها كَسْدَة)
وتواصل متعة السرد الحزين :
(غَدَّا
أو بَعدْ غَدَّا
وانتَ فْ المدينَة تَتْسارَا
يَمكنْ تَلْقا فْ الشارِعْ نَوَّارة
هَاذيكْ نُورَا
حْمامة تدْبحاتْ
زَهرة وذْبلاتْ
شَمعة وطْفاتْ ))
وحدة القلب، وحدة الروح،ولا حياة لمن تنادي، في قصيدة (مقطوع من شجرة) ، تقول:
(القلب وحيد
مقطوع من شجرة
يبات غريب
يدق البواب
ف عتمة الليل
أيا ونيس …
أيا حبيب …
أيا خليل … الصفحة 40 )
فتطرح السؤال:
(شكون يسمع
صوت ضابرو الهم؟
شكون يمسح الدم
فوق ظهر الموجة عايم؟ الصفحة 40 و41 )
الحرف سلاح الشاعرة لاخراج المسكوت عنه والتعبير عن لواعج القلب والأحاسيس الإنسانية الخالصة ، في قصيدة (الحرف شاهد عليا ) :
(القلم … جف مدادو
والحرف …هجر وتادو
بعد ما كان … يدفق ما الصفحة 43 )
والسبب عاطفي بالدرجة الأولى :
(والسبب
الحبيب اللي غاب
وقطع الهضرة … الصفحة 43 )
فتبحث الذات العاشقة عن الأعذار له :
(يمكن … تلف عنواني
يمكن
عاشر عدياني
أو يكون
تعلم … ينافق ويخون .. الصفحة 43 )
وبسبب البعد أو الهجر:
(الحرف عالم
وشاهد عليا
البال
والخاطر … مشطون
والكلام يتخربق … مجنون
حتى يعود ويرجع ليا الصفحة 44 )
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
الفصل الرابع : حر الأسماء والتاريخ
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
تسكن الأماكن ذاكرة الذات الشاعرة …
في قصيدة (املشيل)، يسكن الحنين والشوق لهذه المدينة :
(ليها … هزني الشوق
جنة عاشق ومعشوق
عروسة محروسه …
ف الأطلس مغروسه
الجبال يدورو بها
ودموع الحب … تسقيها الصفحة 31 )
ولهذا تستحضر أسطورة املشيل:
(ياك العاشق قال ليها
أجي حدايا
نبكي أنا
تبكي معايا
ومن دموعنا … تكون الضايه الصفحة 32 )
وكذلك:
(وبكاو … بزوج
من دموعهم … كان الموج
وكانت الضايه
ومن دموعهم
كانت لحكايه … الصفحة 33 )
أسماء بنكيران تناجي نفسها في قصيدة (طيور الجنة):
(أنا أسما
جيت بالحرف والكلمه
ليكم
جيت بالشعر نواسيكم. الصفحة 56 )
وتواصل :
(الشعر دواكم ودوايا
الشعر سيدي ومولايا
ف الشعر أسرار الكلمه
وبيه تتقاد النغمه. الصفحة 55 )
وتختم أسماء بنكيران قصيدتها قائلة:
(أنا أسما
جيت بالبسمه
ليكم
نمسح من عيونكم الدمعه
نفرش ف طريقكم شمعه الصفحة 56 )
توظف الشاعرة أسماء بنكيران مصطلحات العالم الافتراضي ، في قصيدة(كلمة ف الفيسبوك) تقول:
(عييت مانتسنى
عييت مانعاين
هادي سيمانا …وأنا تنساين
يسفط
ايمايل
ف الهوت مايل
أو ف جيمايل …الصفحة 25 )
وكذلك:
(يسيفط اس ام اس …
أو في كلمة ف الفيسبوك
يبرد ناري … الصفحة 26)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
الفصل الخامس :مميزات الكتابة عند أسماء بنكيران
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وعن المجموعة الشعريّة “حَرّْ لكلامْ” لأسماء بنكيران ،يقول الشاعر التونسي مبروك السيّاري : (( لَمْ يَكُن الأدَبُ الجميل الرَّاقِي يَوْمًا مَوْقُوفًا على الفُصحى، بلْ كثيرا مَا يَسْقِي نَهْرُ العَاميّة الرّقراق منَاطق شُعوريّة و فكريّة مجهولة فيُحَوّلها إلى حدائق غنّاء تخفق بالدّهشة والسّحر والبهاء.
و قد أثبت ثُلَّةٌ من شعراء العاميّة في الوطن العربي مقدرة عالية على الانزياح في التّصوير والأسلوب و فتح آفاق للّغة لم تُحلّق فيها من قبل. لقد أُتيحت لي فرصة الاطّلاع على تجربة لا يمكن أن تخرج البتّة عن هذا السيّاق لما يرشح عنها من توهّج وانطلاق وتَجَلٍّ يرفع أعمدة الحبّ والحريّة والحياة إلى حيث لا تطالها إلاّ الأرواح النقيّة والأذواق الرّاقية، ويبسُطُهَا للقارئ بطريقة أشبه بالدّفق المنساب في غير مَا تكلّف أو مبالغة، إنّها تجربة الصّديقة الشّاعرة أسماء بنكيران من المغرب الشّقيق، والتي استمعت إليها سابقا من خلال بعض القصائد الملقاة بصوتها واكتملت الصّورة وأنا أعانق نصوص مجموعتها “حَرّْ لِكْلَامْ” وهي مجموعة تنهل من التّراث الشّفوي بٍرِفْقٍ آسر مُحَبَّبٍ، وتتوَقَّدُ دِفْئًا و أَلَقًا يختزل شخصيّة صاحبتها المتحمّسة لطرق أبواب في الشّعر لعلّ أكثرها لم يُطْرَقْ من قبل، وتبوح باختلاف جليّ عن المسموع والمقروء المألوف.
قرأتُ قصائدها و كأنّي أقرأ لأوّل مرّة شعرا بالعاميّة، و تلك ميزة الأدب العميق الطّافح بالوهج والجمال في اعتقادي، أن نعثر على أسلوب تشدّنا جِدّته و طرافته إلى القراءة وإعادة القراءة. هكذا نزل نصّ أسماء في وجداني فصعدت إليه عصافير شوقي وتطلّعي إلى مكاشفة نصّ مشمول بحرارة الإنسان العربي و توقه إلى ابتكار الجديد النّاضج في أمّة كانت، ومازالت تتنفّس أكسيجين الشّعر و تتوّج هاماتها بالكلمات.
إنّ “حرّْ لكلامْ” عَتَبَةٌ لسبر أغوار روح تتوهّج بالحياة.. تلك الرّوح هي القصيدة.))
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
خاتمة
_ _ _ _ _
تبقى كتابات الشاعرة أسماء بنكيران تتسم ببساطة التعبير وشفافية اللغة وبخطاب زجلي واضح ، مما يجعل كتاباتها في المتناول وسهلة …
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
_ _ _ _ _ _ _ _ _ مقال خاص لصحيفة قريش -ملحق ثقافات وآداب. -لندن _ _ _
عذراً التعليقات مغلقة