- شعر: الْخَزَفِيّ
الطاهر لكنيزي
شاعر من المغرب
مِنْ لُحْمَةِ الصَلْصالِ والفَخّارِ
كَالْحاوي
أُشَكِّلُ في تَداعٍ
شَمْعَداناً مُدْنِفاً
يَقْضي اللَّياليَ عاكِفاً
يَسْقي الفَراشاتِ التي
هامَتْ بِخَمْرَةِ زَهْرِهِ
كَأْسَ الحِمامْ
أُصُصاً لِفُلٍّ عاطِرِ النَفَحاتِ
أَرْصُفُها بِبَهْوِ الروحِ
إبريقاً
بِطيبِ الطّينِ والرَيْحانِ يَنْضَحُ
مُسْتَدَقُّ العُنْقِ
أَنْفُهُ شامِخٌ كَحَمامَةٍ
شَرِبَتْ فَهَزَّتْ عُرْفَها
في جيدِهِ المَجْرودِ نَمْشٌ
مِثْلُ نَمْنَمَةٍ أَمازيغِيَّةِ اللمَساتِ
كالقُبُلاتِ يَطْبَعُها اليَراعُ المُسْتَهامُ
عَلى جَبينِ الطِّرْسِ
في بيضِ اللَيالي،
رَشْفَةٌ مِنْ ريقِهِ المَهْروقِ
تَكْفي كَتِرْياقٍ
فَتُنْسي عابِراً
غُلَّ المَسالِكِ والمَهالِكِ
تُبْعِثُ الحِسَّ المُحَنَّطَ مِنْ جَديدْ
طَبَقاً لِجوعِ الحالِمينَ بِكِسْرَةٍ
مِنْ خُبْزِيَ المأْلوفِ
مَطْهُوّاً عَلى نار الجليدْ
أَنْفاسَ مِبْخَرَةٍ
يَضوعُ شَميمُها
في حِضْنِ مِحْرابٍ قَعيدْ
زِقّاً
يَنِزُّ نَداوَةً للظامِئينَ
لِنَشْوَةٍ بِكْرٍ
بِحاناتِ الوِصالْ
أَوْ رَكْوَةً
مِنْ شِدْقِها تَنْثالُ
زَخّاتٌ مِنَ الإلْهامِ
لَوْ شَحَّتْ ميازيبُ الخيالْ
قَدَحاً لِسَقّاءٍ
يُسَرِّبُ هَمْسَةً مَلغومَةً
في وَهْمِ سائِحَةٍ
بِمَفْرِقِ فَرْعِها
تَنْمو اسْتِعاراتُ الذُبولْ
أَوْ جَرَّةً في أُذْنِها قِرْطٌ يَرِنُّ
لِغَمْزَةٍ مِنْ طَرْفِ بَرْقٍ
حارِقٍ أَيْكَ الغَمامْ
للشّاعِرِ الجَوّالِ
والمَسْكونِ بالأقْوالِ
دَرْبَكَةً يُدَغْدِغُ خِصْرَها
بأَنامِلِ الأَمْثالِ
يُرْقِصُها فتَكْفيهِ التحَذْلُقَ
والتَمَلُّقَ وانْكِساراتِ السُؤالْ،
أَوْ قُلَّةً
قَدْ قَلَقلَتْها رَعْشَةٌ
مِن لَثْمَةٍ مَخْطوفَةٍ
سُفِحَتْ كَرَقْرَقَتِها
بِرَكْحِ البَوْحِ
والصُبّارُ جارُ الجُبِّ
يَمْضَغُ عِطْرَها المَشْنوقَ بالأشْواكِ،
مِجْمَرَةً
تُريقُ الدِفْءَ في أَوْصالِ أَرْملَةٍ
تُدَثِّرُ عُرْيَ وَحْدَتِها
وَصَحْناً فاضَ أَشْواقاً
لِطِفْلٍ ضارِعٍ
خَبِرَ الفِطامَ
وضاعَ الظّلُّ مِنْهُ
في رَمْلِ الزِّحامْ.
قصيدة خاصة بصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة