فاطمة الزهراء مروني شاعرة مغربية… تواجه مدججاً بألوان الخطيئة

10 يونيو 2020
فاطمة الزهراء مروني شاعرة مغربية… تواجه مدججاً بألوان الخطيئة

وَشْمٌ عَلَى جَسَدِ قَصِيدَةٍ

فاطمة الزهراء مروني

شاعرة من المغرب

تَمدَّدَ الأنينُ بِالغُرْفَةِ المُظلِمةِ

جَسَدٌ مُنْهَكٌ يَعْزِفُ نشِيدَ المَوْتِ

خَيَالاَتٌ منْ واحَةِ العُمُرِ الهَارِبِ

تسْتَقِرُّ أمَامَ بَصَرِي المُتعَبِ

أرَى فِيكَ هُوميرُوسَ الأودِيسَا

تَطْوِي فُصُولَ الغِوايةِ 

تَنْتَصِبُ شَامِخًا أمَام بؤْسِي

مُدَجَّجًا بأَلْوَانِ الخَطِيئَةِ

تَمْسَحُ عَنْ مَلْحَمَتِي 

غُبَارَ السِّنِينِ العَاتِيَةِ

تَنْتَبِهُ فَجْأَةً لِذُبُولِ مَلاَمِحِي

تَقْرَأ أُسْطُورَةَ الغِيَابِ الطَّوِيلِ

المَنْقُوشَةِ عَلَى جُدْرَانِ

الغُرْفَةِ البَارِدَةِ الشَّرِيدَةِ

كَيْفَ تُكَافِئُ “بَنيلُوبْ” 

وِ أَنْتَ لاَ تَمْلِكُ جُرْأَةَ أودِيسْيوسْ

كَيْفَ تَفُكُّ أزْرَارَ الوَقْتِ الكَثِيرَةِ

منْ عُمُرِ الاْنتِظَارِ الطَّوِيلِ؟

كَيْفَ تُحَوِّلُ فُسْتَانِي الأبْيَضَ

كَفَنًا يَكْتُمُ آخِرَ صَرْخَةٍ 

فِي تَقَاسِيمِ وَجْهِكَ القَاسِي

غُبَارٌ كَثِيفٌ يَرْسُمُ مَلَامِحَ المُدُنِ

التِّي عَبَرَتْنِي عَبْرَ رُكَامِ السِّنِينْ

بَارِيسُ الشَّهْوَةُ وَ الَّلذَّةُ

تَنْتَشِي عِطْرَ اللُّوتِسْ وَ التُولِيبْ

تَكْتُبُ لِلْحَضَارَةِ قَصِيدَةً أُنْثَى

شَامِخَةً شَهِيّةً كَحَبَّةِ فَرَاوْلَةٍ نَاعِمَةٍ

تسْتحِمُّ تحْتَ شُعَاعِ الشَّمْسْ

فيَذُوبُ رَحِقُ سُكَّرِهَا 

فَوْقَ شِفَاهِ الكَلِمَاتْ 

تَقْرَأُهَا بِصَوْتٍ مِخْمَلِيٍّ 

لُنْدُنُ الهَادِئَةُ النَّائِمَةُ

تَحْتَ لَوْنِ الضَّبَابْ 

تَرْقُصُهَا فالنسيا الغَجَرِيَّةُ

مَلْحَمَةَ فلامينكو ثَائِرَةٍ 

وَ تعزفها لِينْزُ الصَّاخِبة

مقطوعة “فَالْس” فَوْقَ نَهْرِ الدَّانُوبْ

تَرْسُمُهَا امْسْتِرْدَامُ النَّاعِمَةُ

أُمْنِيَةً حَالِمَةً عَلَى لَوَحَاتِ “رَامْبْرَانْتْ”

تَشْرَبُهَا فْيِينَّا فِنْجَانَ قَهْوَةٍ سَاخِنَةٍ

فِي صَبَاحَاتِ تِشْرِينَ البَارِدَةِ

تَتَأَمَّلُ أَوْرَاقَ الكَسْتَنَاءِ النَّافِرَةِ

وتَشِيخُ عَلَى ضِفَافِ وَطَنِي الحَزِينِ

وَحْدَهُ تَبَنَّى جُثْمَانَهَا السَّادِرِ

فَوْقَ النَّعْشِ البَارِدِ

يُشَيِّعُهَا إِلَى مَثْوَاهَا الأَخَيرِ

يُعْلِنُ للنّاسِ حِدَادَهَا الأَنِقِ

وَحْدَهَا مَدِنَتِي كَتَبَتْ نِهاَيَةَ

القَصِدَةِ عَلَى شِفَاهِ المَوْتِ

وَحْدَهَا مَنْ تَمْلِكُ تِلْكَ القُدْرَة علَى العَوِيلِ

وَحْدَهَا تُكْرِمُهَا بالنَّحِيبِ الأَخِيرِ

تُعَلِّقُ أَشْلَاءَ صُوَرِهَا عَلَى المَتَاحِفِ

وَ دُورِ الأَدَبِ البَائِسَةِ

تُخَلِّدُ مَجْدَهَا تَارِيخَا لصِبْيَانِ هَذَا الوَطَنِ

وَ هُمْ مُنْشَغِلُونَ بقَصِيدَةِ الهَايْكُو الرِّشِيقَةِ

الآنَ فَقَطْ تَهْفُو لِوَشْمِ حُروفِها 

عَلَى رُفَاتِ جَسَدِي

تَوَدُّ لَوْ تَمْنَحَكَ شَهْقَةً أَخِيرَةً

تَتَمَرَّغُ فِيهَا عَلَى حُرُفِهَا المُتَخَشِّبَةِ

تَمُجُّهَا تُخَضْخِضُهَا بِقُوَّةٍ

حَتَّى لَا تُسَلِّمَ لِلمَوْتِ إيقَاعَهَا

تُسَارِعُ سَكَرَاتِ المَعَانِي

لَوْ أَنَّكَ تَخْلُقُ مِنْ جَدِيدٍ 

مُقَدِّمةً للبِداياتِ

وَحْدَهُ رَجْعُ الصَّدَى 

مَنْ كَانَ يُوَاسِكَ

يَرْقُصُ عَلَىَ رَمِيمِ الحُرُوفِ النّائِمةْ

قصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com