محمد قنور شاعر مغربي.. يرمق الأرجوحة في رئات العابرين

4 يونيو 2020
محمد قنور شاعر مغربي.. يرمق الأرجوحة في رئات العابرين

هـروبُ اللَّيـل

محمد قنور

شاعر من المغرب

إنَّه الـمُنعرج:

للكلام جداوِل دفّاقة 

كُلما أصيب الوسط بنزلة قحطٍ

أتنازل عن سريري

وأبحث عن مسلك للطّامة 

*

شقشقة تَنْساب

على وحل المكان

وقرص أصفر يتراءى على جدار

فأصفِق الباب خلفي لاهثاً

 وراء كائن خفي اسمه الدّفء

*

حَسناً أيّها الليل

لقد حان وَقت التجلي

سَأُواسيك في علّتك المضنية

هات يديْك  ثم خذ جَسَدي وروحي

*

لست مُخلفا وعدي

وأعرف أنه الـمـُنْتَصَف

فقط انتظر أوانَ اغتسالي بالدُّموع

وصراخك الهادر في عتمة الكلمات

يغويني

*

أتيه في مسالك الرقيب

محترسا فتك سهام النظرة

تلك التي تطوح بي نحو هاوية التملي

أي درب إذن

سيهديني إلى منازل الخطوة؟

*

سأحيّي كل حي وميّت أمامي

فراغ  الشارع الذي أعبره بخفة

وبقايا النَّهار

ودم القتلى

وعرق الكُدّح

وأصدقاء الأمس يسرفون في الرذيلة  

*

السّاطور لا يُرعبني

بقدرِ ما تُرعبني الكَلِمة

أنا حادٌّ كذلك

أنا أجرح بِصمت

وأصرخ في وجه البشاعة

*

هروب اللّيل

هذا ما سيصوغه الفَجر

أنا الذي أفصح لم أعد غاضبا

عصيا  لا  منتحباً أو مُبْتسِماً

انتظرُ ضوء الصباح

*

عبر هذا الدَّرب

أتسللُ كفارِس في الضَّباب

يرمقني العدُو مصفقا بيدٍ صديقة

ومعاً نَرْتشِف كأس النسيان

مؤجلين طقس الانتقام

*

في الدرب الضيق

يَعتمر قُبّعة حمراء،

بائع سَجائر على الرصيف

عيْناهُ سيفٌ في رِئات العابِرين

والرَّماد المتناثر يُغَطي حِدَّة المقايَضة

*

أيها الدرب الميّتُ

ماذا تراني أتَأمّل الآن؟

عبر مَسارك الشّائِك

وبسرْعة تـَمُرّ الحافِلات العَمْياء

تجاه ما لا شأن لظلي به

*

مَأدُبة  يتيمة

ووَقت يَضغط بِــخبلٍ

هُناك كِلابٌ تقضم اللّيل بالنُّباح

ونصيبي من الإصغاء للجلبةِ كبير

*

لحظة شُحوب

وإحساس باهت

وأفكار مفقودة

تَرميني في دَوّامة البَقاء

والبَحث عن نَومٍ ضاع في مَضْجَعٍ ما

*

أكيد أجالسك كل ليلة

كلما باغتتني الذكرى

أرسُمُك كما يشتهيك الخيال

ثم أرضع من نهديك نبيذي المعتّق

وحدك أنت وحدكِ هناك 

*

في الهَواء

وبِمَحْضِ الصّدفة

ألتَقِط النّسَمات العابِرة

ولا تَشْويش على الإيقاع

الذي أعزفه الآن

*

الهاجِس الذي يُؤْرِقُني

هو تَغْيير النّمط رغم التّراخي

ولا هُنا ولا هُناك 

وأنا على الأرجوحة الأيام

والحياة مدْهوسة على مقعد الانتِظار

*

هُنا، انتهى الأداء

سأنزِل من خَشَبة الحياة

بعد تَوديع الزُّرْقة 

وشدو العصافير ورهوها 

أُسَلّم أسْلِحَتي وأسْتَسْلِم لِلبَياض

*

سيأتي زوار إليّ

يرمون قَبري بكلمات

عوضا عن أزهار 

ولن أستجيب

لنداءات الحرب

***

قصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com