تعيشُ يا عِراقُ في عُيوننا
عبدالناصر الجوهري
شاعر من مصر
…………………….
إذا دعاني الشِّعْرُ – يا عِراقُ –
فيكَ أحْتمي
نعمْ .. فمنْ غيرهما ” السَّيَّابُ ” ،
و” الجواهريُّ “
حاضران في دمي
فأنتَ يا عِراقُ – دومًا – مُلْهمي
حبيبتي لديكَ تشْبهُ الفُرات..
في لحْظةٍ،
و لحظةٍ أُخْرى تكون أنْتَ في السَّماءِ..
ملْء أنجمي
حبيبتي قبَّلتها في ساحةِ ” التَّحرير” ،
وارتبكْتُ من ضحْكةِ المساءِ الباسمِ
و”المطْعمُ التُّركيُّ ” أضحى لوحةً
خطَّتْ على جدرانه
قلبًا بــجُرْح الأسْهُمِ
واسترسلتْ في وصْفها حبيبتي
عَنِ العِراقِ تحْكي ،
وتبْكي من رَحَى تألُّمي
سحرُ “الشَّناشيْل” يحوِّطُ الأزقَّةَ التي قد غُيِّبتْ
بين الجمالِ الحالمِ
والشُّرفاتُ غازلتْ في الجوار بعْضها
رائحةُ الشَّاى تعانقُ الزُّجاجَ
من جدارٍ قائمِ
فكيف يا عراقُ يجمعُ الثَّرى ولداننا
ولا أذوقُ بالتَّساوي حاصلاتِ المنْجمِ؟
عريشةُ الأيام هل ضاقتْ بنا؛
لتُنْزعَ انتفاضةٌ للعِشْقِ مِنْ مُتيَّمِ؟
والإحْتجاجاتُ التي حصنَّتها فيها أرى حبيبتي
حبيبتي غريبةٌ،
دعْها إليكَ تنتمي
كما حبيبتي لديكَ لم تكنْ غنيمةً في المغْنمِ
أخي لَوِ اشتدَّ الوطيسُ – يا عراقُ – في أمْعائه
هل تُراهُ ماسكًا،
وقت البِلَى بمعْصمي؟
فلو تفرَّقنا يجىءُ الذِّئبُ يرْعى
في القطيعِ النائمِ
ففجوةٌ بين التَّواريخ تبينُ،
واللئامُ لم تجدْ إشارةً؛
مِنْ عند قصَّابِ العدوِّ الغاشمِ
تعيشُ يا عراقُ في عيوننا
فليس غيركَ الإمامُ ،
أنتَ صدْرُ المُعْجمِ
والنُّورُ أنتَ رغم هبَّات الغبار المُعْتمِ
وأنتَ حادىَ القوافل البعيد دربها
مُسْتقبلًا بالحُبِّ أفواجَ اللُّجوءِ،
حين عُدْنا بين أحْضان الدِّيار نرْتمي
فأنْتَ في عام “الرَّمادةِ” المميت جدْبهُ
خبْزُ الفقير المُعْدمِ
حبيبتي
أخشى عليها مِنْ تقارير العميل المُجْرمِ
أخشى على عظام أمُّي من لصوص النِّفطِ ،
من فتوى لداعشييٍّ جاثمِ
فيا عِراقُ / يا أخا الزَّهراءِ!
أخشى أنْ يُريقَ سيْفهمْ دماءنا
ينْدسُّ في حراككَ السلميِّ كلُّ مُجْرمِ
أخشى على قبْر “الحُسين” مِنْ ” يزيد” الظّالمٍ
هلَّا أرحْتني يدا “العبَّاس” لا أنامُ مِنْ فرْط الصُّراخ المُؤْلمِ
فــــ”المُتنِّبي” حاصروا أبياته
من “فاتكٍ” وللنِّزال لم يزلْ بمُرْغمِ
هلَّا أرحْتني فراياتُ الخِلافِ تفْتدي قلبَ الثَّرى
فما حِجاجُ النَّاقمِ؟
كُنْ حُجةً ياسيِّدي ،
كنْ سُلَّمي
كُنْ دائمًا سقيفةً تجمِّع الأعْراقَ،
في يديكَ ينْبوعُ الخلاص الدائمِ
كُنْ للجراحاتِ معينَ البلْسمِ
كنْ دائمًا للبائسين مثل زاد الحاتمِ
كُنْ مُلْجأً ؛
لتسْتجيرَ عنده حبيبتي
مِنْ حُلكةٍ،
مِنْ كلِّ خوفٍ قاتمِ
غدًا نفوزُ كلُّنا
غدًا تفوزُ بالقرارِ الحاسمِ
فأنْتَ للعِدا لَظَى جهنَّمِ.
شعر: عبدالناصر الجوهري – مصر
قصيدة خاصة لصحيفة قريش -ملحق ثقافات وآداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة