عبد الحفيظ بن جلولي.
شاعر من الجزائر
في تباشير الشّعر الأولى
إذ أقرأ الكلمات مشفّرة
أستعين بالدّربة
تخونني المعاني
وأشرد بعيدا
حيث يشرب النّاس
أوقاتهم
أعود محمّلا باليأس
والخسارات الكبرى
وفلسفة كسيفة عن العمّال
والزّمن الذي تشبّث فيه المناضل
بصورته القديمة
أعود، وأفتح الكرّاسة الشّعرية
أقرأ ثانية
القصيدة تسألني:
كيف تلتحف معناك،
وتجلس إلى جانبي..
تَجَرَّدْ أنت الذي ترتدي
برقع القواميس
والتحف كلام الهامش
فإنّني ممنوعة من الدّعاية
ومن الألفاظ التي يسوّقها الأوغاد
أنا لا أمثّل شاعري
كنّا اثنين
وكان الكلام بيننا كالسّاقية
يرى صورته في الماء
وأقرأ ما بين الوجه والنّرجسة القديمة
أثر الكلام الذي تخلّى عنه في برودة الماء،
لا يمكن أن تفهمني..
حينها تساءلت إن كان الشّعر فهمًا؟
الشّعر وردة من صباح بلا هويّة
قمامة في شارع لا نناضل لأجله
خلف البناية الطويلة
ترقد القصيدة
ويستطيل الظل
وأعود شبيها بالقبّعة التي تعارك الشّمس
أو صورة الشّاعر حين تراوده أحلام الاختلاف
لا يمكنك أن تقرأ القصيدة
مانعة إيّاك أسوارها
أسألُه إن كان الموت من ضمن كلام الشّعر
يسألني إن أمتعني الغياب
أعود إلى جرحٍ بالجسد
أضغط عليه.. كاليباس يخاطبني
لا دم في وجعي
فقط قشور حمراء تتطاير
كلّما أسندني العلاجْ..
لا قصيدة بدون قراءة
سبَقْتُكَ أيّها الواقف على حدود كلامي
قرأتُ ما أمكن من شعري ولم أفهم
هل الشّعر من المفاهيم؟
أعود إلى الكرّاسة، أفتح الجرح
تبرأ كل القروح
وينتصر السّؤال
حينما نطرح أسئلة الشّارع على القصيدة
هناك تبدأ الفتنة
تقفز الإشارة عمودا من خبزٍ حافٍ
يتجلّى الرّمز كخيال يشبه الشّيء على صفحة الرّمل،
وتمتلئ بقايا العلامات
برسوم التّأويل والأحجية والمتاهات
أقرأ القصيدة دون عصى الشّاعر
أفتح في جرحها طريقا إلى الوجع
أركب خيالها وأخرق نظام الأحلام
تنتظم الأسطر كما البيان العتيق في رؤى العمّال
أفرش كرسييّ الهزّاز في منتصف الفناء
أضع فنجان قهوة تحت ظلّ الشّجيرة
أعلّق شيئا من كلامي على ظلّ الإجّاصة
لم تلد منذ أن غرستها سوى هذه المرّة
ثلاث إجّاصات أفرحني شكلها
أمسح عليها وأنخرط كما المحراث
في جوف التراب أبحث عن الشّعر
وعن الكلام الذي أحسبه المعنى…
القصيدة خاصة بصحيفة قريش -ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة