إسلام على يد الشعراء

14 أكتوبر 2020
إسلام على يد الشعراء

د. ادريس الكنبوري

ادريس الكنبوري

كاتب من المغرب

تلقيت هذا الصباح خبرا مفرحا من نوع غريب.

شاعرة سويدية تعتنق الإسلام في المغرب بسبب سماعها لشاعر مغربي يقرأ شعرا.

القصة حصلت السنة الماضية في المهرجان العالمي للشعر بمراكش، والشاعر المغربي

هو الشاعر الكبير الدكتور محمد علي الرباوي. أما الشاعرة السويدية فهي

(كاتينكا زييزيمر لينجر) التي شاركت في المهرجان.

سمعت القصة هذا الصباح من لسان الشاعر الرباوي حفظه الله في مكالمة هاتفية.

أعرف الشاعر الرباوي من زمان طويل، حين كنت أقرأ قصائده التي كان ينشرها في

الملحق الثقافي ليومية”العلم” في الثمانينات وأنا في مقتبل العمر أكتب شعرا

وأنشره في صفحة الشباب في”الميثاق الوطني” ثم في صفحة”الباب المفتوح” الخاصة

بالأدباء الشباب في جريدة”العلم” نفسها التي كان يجاورني فيها شبان هم اليوم

جزء من “المشهد الشعري” في المغرب، ثم بعد ذلك في الصفحة الثقافية لجريدة

“بيان اليوم” أيام الراحل علي يعتة والمطبعة العتيقة التي تعطيك جريدة تشارك

أنت في كتابتها بسبب سوء الطبع وبهت الخط، حيث لا بد أن تكمل من دماغك وكأنك

تحقق مخطوطا لرشيد الدين الوطواط.

وشاءت المصادفات الجميلة أن ألتقي الإثنين إلا المجاطي في ملتقى شعري بوجدة

قبل سنوات طوال حيث كان لي شرف قراءة شعري أمام من علموني. ثم شاءت الصدفة أن

يجمعنا عدد من مجلة “المشكاة”.

وكان الرباوي أحد الشعراء الكبار الذين أجد فيهم ذاتي، إلى جانب محمد المجاطي

وحسن الأمراني والشاعر المراكشي أحمد بلحاج ايت وارهام الصوفي الجميل، وشعراء

رائعين مغمورين أمثال أحمد الجوماري الذي كان في الحقيقة أول شاعر مغربي أشتري

كتابا له وأنا في الإعدادي، بالصدفة لمجرد شراء كتاب كيفما كان. فقد كان هؤلاء

حساسية فكرية وفنية مختلفة في الشعر العربي الحديث.

وليس صدفة أن أجد في مكتبتي الخاصة الأعمال الكاملة للشاعر الرباوي، فأنا عادة

لا أحتفظ بغير دواوين القدامى أمثال المعري والمتنبي والبحتري وإقبال وشوقي

وحافظ وذي الرمة وبعض الآخرين.

والرباوي ليس شاعرا مشغولا بالهم الجمالي، بل هو صاحب قضية الجمالية عنده في

خدمة الهم الفكري. إنه عدو نظرية الفن للفن التي انتشرت في وقت معين ثم أصبحت

من وسائل التخريب.

 ولذلك كان لهذا الشعر صداه في روح الشاعرة السويدية التي كتبت قبل أيام رسالة

إلى الأستاذ الرباوي تخبره بإسلامها بسبب قراءة بعض شعره المترجم إلى

الفرنسية.

في ملتقى مراكش قرأ الشاعر قصيدته الجميلة”الغربة”، التي كتبها عام 1982، وهي

منشورة في المجلد الثاني من الأعمال الكاملة الصفحتين 481-482. يقول في آخرها:

قم من جلدك

هذي خيل مسرجة

واقفة قدام الباب الباسم.

قم..

وتوضأ..

ثم اتبعني.

 وقد سألت نفسي: ماذا فهمت الشاعرة السويدية من القصيدة الرباوية حتى تردد في

صدرها نداء الإسلام؟.

والجواب ليس صعبا لمن له قلب. مئات الآلاف من الأجانب أسلموا وهم ينصتون إلى

تلاوة الشيوخ المنشاوي وعبد الصمد والحصري وإسماعيل وغيرهم دون أن يعرفوا

العربية أو يفهموا شيئا. ولقد روى لي الأستاذ الرباوي أن هناك من أسلم بمجرد

التأمل في المعمار الإسلامي والهندسة الفنية في المساجد من حيث تنبعث السكينة،

أو سماع الموسيقا الباكستانية.

وأنا رأيت في طفولتي شبابا يخبط على الأرض مثل المجنون على موسيقا بوب مارلي،

وهو لا يفهم كلمة مما يقول ذو الشعر المفتول.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com