العم بوأحمد.. ومسك الختام

24 نوفمبر 2020
العم بوأحمد.. ومسك الختام

ايمان حيدر دشتي

استيقظت صباح الخميس الماضي على خبر حزين وهو خبر وفاة العم محمد العلي. قد يعرفه بعض من يقرأ المقال وقد لا يعرفه آخرون، فالعم محمد العلي لا يرثيه الإعلام، بل ترثيه جميع قلوب من عرفوه عن قرب وعن بعد، من أقارب وجيران وزملاء عمل ورفاق المسجد المكان الأقرب إلى قلبه. فقد كان رحمه الله الأخ الأكبر، فلم يعطه هذا الترتيب التشريف، بل التزم بالتكليف نحو إخوته، فكان الأخ المسؤول بعد تيتمه وإخوانه مبكراً، كما كان زوجاً صالحاً لم ينكر سنوات العشرة ورافق زوجته في مرضها كما كانت في عافيتها، واستمر في دعمها دون كلل أو ملل إلى أن استعادت صحتها.

وانشغل في تربية أبنائه وأحفاده، ولم يشغله عنهم رغم قدرته، رغبة في مركز أو منصب، كانت كنيته لسنين باسم ابنته البكر وحتى حين رزق بعد هذه السنين بالولد وآخر العنقود، لم يميزه عن أخواته البنات، بل البنات ميزن أخاهن أكثر مما ميزه العم محمد، فقد حرص على تنشئته وإعداده للمستقبل، فأحمد أحد الأطباء الكويتيين والمخترعين المبدعين، وأخواته سيدات ناجحات، حتى إنه ينادي إحداهن «بأم أبوها» لشدة حنانها ورعايتها له. وكان النسيب والعديل الخلوق الحريص على العادات والشيم الجميلة، يشعرك بالمودة والمحبة، فيحرص على مشاركتك أفراحك وأحزانك وحتى وهو في شدة مرضه.

وكان ممن حرص على صلة الرحم، فلا يفوت أي لقاء يجمع أسرة العلي ليس في الكويت فحسب، بل حتى في المملكة العربية السعودية، ليتبادل معهم الأخبار ويعزز الروابط الأسرية.

أستذكر هذه المناقب وهي على بساطتها في الظاهر وأهميتها في الواقع، يغفل عنها وينشغل عنها البعض، وقد يتهرب منها البعض الآخر، فهي تحتاج الى درجات من الذكاء الاجتماعي، فتزاحم حياتنا العصرية، واختلال سلم الأولويات لدينا، ومع موجة الانشغال والمبالغة في مدح مدمني العمل والثناء على أصحاب الثروات، نرى من يسعى لتحقيق الطموحات الوظيفية والمادية على حساب دوره كفرد في أسرته ومحيط عائلته، علماً بأنه لا أحد يندم حين اقتراب النهاية، على عدم قضائه ساعات إضافية في عمله أو عدم تسجيل خانات رقمية وتذييلها أمام رصيده البنكي. فلنصنع الذكريات مع احبائنا،

و لنترك الأثر الطيب في نفوس من حولنا، رحم الله العم محمد العلي واسكن روحه الطاهرة فسيح جناته، وأطال الله في أعماركم ورزقكم خير الدنيا والآخرة. إيمان حيدر دشتي

@imandashtti 

القبس

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com