عفراء النعيمي
كاتبة من قطر
أعتقد أن وباء كورونا كان قادراً على فرض آلية التكيف مع جميع المتغيرات في جوانب الحياة المختلفة، فقد أجبر هذا الوباء إن صح التعبير التعامل معه بطريقة تختلف اختلافاً تاماً عما سبق عهده.
ففرض آلية عمل ومستوى إنتاج وخطوط توزيع ونهج استثمار مختلفاً على القطاعات جميعها، وفي كل العالم، فرض أيضاً قوة لأهمية البنية الإلكترونية لكل الدول، وسرع عجلة استخدامها من قبل الجميع، فما كان من خطط مستقبلية لبعض الدول تحول إلى واقع تعيشه هذه الدول بسبب وجوب سرعة التغير التي فرضها هذا الوباء.
لم يقتصر هذا التغير على مستوى الدول فقط، ولكن أيضاً أثر وبشكل كبير على مستوى الأسر والأفراد، فما كان سابقاً يعرف بوقت الأسرة الذي كان يقتصر أحياناً على نهاية الأسبوع أصبح الآن هو الوقت الأساسي لجميع أفراد الأسرة طيلة أيام الأسبوع، فضلا عن أسلوب الحياة الخاص، فقد اقتصر الطعام على سبيل المثال لأشهر عدة وفي بلدان عديدة على ما هو معد في المنزل، وأيضاً توجهت العديد من الأسر إلى إعادة النظر في “الرغبات الاجتماعية” وما يقابلها من الحاجات الأساسية وغيرها من الأمثلة على سرعة التكيف مع الوضع العام الذي فرضه كوفيد – ١٩، فأصبحت نظرية التكيف مع هذا الوضع وخلق حلول مناسبة واقعاً مفروضاً على الجميع وعلى الجميع العمل به.
وقفة تأمل:
كان الابتكار والقيادة التكيفية مرهوناً إلى حد ما بالقطاع الخاص، فكلما كان صاحب القرار على قدرة كاملة لمواجهة التحديات المتغيرة بنظرة مبتكرة ومتغيرة كذلك استطاع حماية مشروعه والنهوض به، وسبب حصر هذه الموهبة القيادية أو ربطها بالقطاع الخاص لا العام، لما يتميز به القطاع الخاص بالليونة والسرعة في مواجهة التغيرات، فلا قوانين مركزية يرجع لها ولا قرارات تفصيلية على المسؤول الرجوع إليها كما هو واقع العديد من المؤسسات الحكومية، إلا أن هذا أيضاً تغير بعد وباء كورونا، فأصبح القائد المبتكر وصاحب الإستراتيجية المتكيفة هو ما يتطلبه أي قطاع كان سواء الحكومي أو الخاص، فنجد ظهوراً واسعاً لإستراتيجيات lean strategies في القطاع الحكومي وما يميزها من تحسين القوانين بشكل مستمر وتشجيع الابتكار المؤسسي وأيضاً استبعاد كل ما هو زائد ويشكل عائقاً.
هذه الإستراتيجيات ساهمت في تحسين الأداء المالي أيضاً للمؤسسات والشركات، وذلك بتعزيز دور الشراكة بدلاً من المنافسة في القطاعات المختلفة وسهلت العمل أيضاً بين القطاعين الحكومي والخاص في مجالات عدة مما أدى أيضاً إلى استغلال الكادر البشري لتحقيق أدوار وأهداف متعددة تتخطى دوره الوظيفي المحدود، وذلك لتحقيق الخطة الأكبر للقطاع وللدولة.
أستودعكم؛
إن نتاج آلية التكيف هذه هو الابتكار، وعدم الركون إلى ما هو معلوم هو أهم أسباب خلق الابتكار.
Afraaalnoaimi@gmail.com
عن/ الشرق
عذراً التعليقات مغلقة