خولة عبدالله البحر
شدني هذا العنوان لإحدى المقالات فقرأتها، وكانت الكاتبة تبدي استغرابها واندهاشها من الإنسان الذي يرى جسده زائد الوزن مليئًا بالدهون ومع ذلك لا يستطيع أن يُسيطر على اندفاعه في الأكل، وتتمنى أن يكون لمثل هؤلاء العزيمة التي تمكنهم من استعادة رشاقتهم حفاظًا على صحتهم، ومن وجهة نظري أن الكاتبة أصابت عين الحقيقة، فالخطوة الأولى والأهم في خفض الوزن الزائد والعودة إلى الرشاقة تكمن في كلمة العزيمة.. إن اتخاذ القرار المُهم لخفض الوزن يستلزم إرادة قوية وتحديدًا لهدف مُحدّد..
على أن يكون هذا الهدف مُمكنًا وفي مُتناول التنفيذ. وفي سبيل ذلك يجب أن تحدّد هدفك أولًا ثم تبحث بعد ذلك في وسيلة تحقيقك لهذا الهدف.
وفي سبيل الوصول إلى الرشاقة سوف تقرّر أنك ستفقد وزنًا من خلال عدة أشياء منها التنظيم الغذائي ومُمارسة الرياضة وتغيير سلوكك المُستقبلي غذائيًا وحركيًا، فلو كان الأكل هو محور تفكيرك ستجد أنه أصبح يشغل بالك طوال الوقت فترغب دائمًا أن تتناول طعامًا. بينما لو فكّرت في الرشاقة كهدف، وفي منظرك عندما تقف أمام المرآة وعندما يراك الآخرون، فإن الأكل لن يكون شغلك الشاغل. والسر في اختيار هذه الطريقة في التفكير هو أن نستعين بقدرات العقل الباطن وذلك على خلاف العقل الواعي الذي يُصدر الأوامر للعضلات بالحركة ونتعامل بواسطة مع كل حركاتنا الإرادية التي نأتيها بوعي منا مثل الأكل والمشي والالتفات هنا وهناك، وغير ذلك من الحركات التي نأتيها بوعي منا.
والعقل الباطن هو المسؤول عن تنظيم عملياتنا الحيوية بدون أن يتدخل عقلنا الواعي في الموضوع. أيضًا نحن نحلم نيامًا دون أن نقصد ذلك. لكن هل يعني ذلك أنه ليست هناك علاقة بين العقل الواعي والعقل الباطن؟ فإن العقل الباطن يعمل بالإيحاء والتأثير لا يُناقش بل ينفذ الإيحاء كما هو، وإذا طبّقنا هذا على موضوعنا سنجد مثلًا أن إنسانًا ما قد يُقرّر دائمًا أنه يُصاب بعدوى أمراض البرد سريعًا إذا ما التقى مريضًا مصابًا بالبرد. هذا الإنسان يُبرمج عقله الباطن على الإصابة بالمرض بمجرد تحقق الشرط المُحدّد مُسبقًا وهو في هذه الحالة مُقابلة مريض مصاب بالبرد.
والإيحاء الذاتي الإيجابي هو سلاح ناجح واضح التأثير في تحقيق النجاح في كل نواحي الحياة، مُستخدمًا عقليه الواعي والباطن، ومُستغلًا كل إمكاناته النفسية والجسدية والعقلية. وفي موضوع الرشاقة وخفض الوزن، فإننا عندما نستخدم العقل الباطن تعمل كل أجزاء الجسم وأعضائه على الوصول للرشاقة المطلوبة، وبالتالي فإن تطلعاتنا لن تكون للطعام وتنوعه، وإنما للرشاقة وفوائدها. فيزيد الكبد من استهلاكه لدهون الجسم، وتعمل الكلى على التخلص من الأجسام الكيتونية التي تنتج من حرق الدهون وذلك عن طريق إخراجها في البول. كما يستقر في الوجدان قناعة الاستمرار في السيطرة على رغبات الجسد من تناول الطعام غير الصحي حتى تتحقق الرشاقة المرغوبة.
ولكن دعونا نسأل.. لماذا يُقرر إنسانٌ ما أن يكون رشيقًا وأن يحصل على الوزن المثالي؟، لقد أصبح إنقاص الوزن والحصول على وزن مثالي هو مطلب الكثيرين إن لم يكن كل الناس. فالسمنة هي العامل المُشترك في كثير من الأمراض. وعلى سبيل المثال فإن السمنة ترتبط بشكل أو بآخر بضغط الدم، وأمراض القلب والسكري وآلام المفاصل وآلام الظهر، حتى أن خفض الوزن أصبح البند الأول في خطة العلاج لهذه الأمراض وغيرها. كما لا ننسى الجانب النفسي في هذه المُشكلة، فبنات حواء يردن أن يُصبحن رشيقات القوام مُنتصبات القد لأسباب لا تخفى على أحد. فيما يُحاول الرجال أيضًا أن يظهروا بمظهر رياضي رشيق. يُخبرنا علم الطبيعة عن قانون مهم هو أن الطاقة لا تفنى ولا تُستحدث، وأن الطاقة الزائدة التي اختزنها الجسم في صورة دهون، والتي تتكون عندما يأكل الشخص كميات من الطعام أكثر مما يحتاجه، أي عندما يحصل على كميات من الطاقة أكثر مما يستخدمها،
هذه الطاقة لا تنصرف من الجسم إلا عن طريق بذل شغل أو جهد، وهذا الشغل يتم عن طريق عمليات التمثيل الغذائي، العمليات الفسيولوجية المختلفة مثل التنفس والهضم والامتصاص وضربات القلب ونمو الجلد والشعر والأظافر، وأيضًا عن طريق الحركات الإرادية التي يحدثها مُختلف عضلان الجسم. فإذا تناول الإنسان طعامًا ذا طاقة أكبر مما ينفقها، فإن الطاقة الزائدة تُختزن في جسم في صورة دهون، بينما يفقد الجسم وزنًا إذا تناول كميات من الطاقة أقل مما ينفق. ويظل وزن الجسم على ما هو عليه إذا كان هناك توازن بين الطاقة الداخلة للجسم في هيئة طعام، والطاقة الخارجة منه في صورة شغل (مجهود). والأسباب التي تدعو إنسانًا ما إلى خفض الوزن تتفاوت شخص من لآخر، فقد يكون الدافع:
١. للتمتع بحياة صحية طيبة.
٢. للحصول على إحساس جيد بالحيوية.
٣. لتحسين أعراض أو حالات طبية مثل الشعور بصعوبة في التنفس عند بذل مجهود أو آلام الصدر.
٤. لتحسين أعراض نفسية مثل الاكتئاب والشعور بالضيق.
.. لذا عزيزي القارئ عليك أن تستخدم هذا السلاح الرائع الذي تمتلكه بعد أن تسن حده وتثق في قدراته، إنه سلاح الإرادة والعزيمة القوية. والمكافأة التي ستتلقاها هي الصحة والرشاقة وخفة الحركة. فقط ثق بنفسك وقاوم رغباتك في تناول الطعام غير الصحي، وتمسّك بتناول الطعام الصحي الذي خلقه الله مثل الخضراوات والفواكه والحبوب ومُنتجات الألبان والبروتينات من لحوم ودواجن وأسماك، وابتعد عن السكريات المباشرة الضارة التي صنعها الإنسان وعن الحلويات، وقلل من النشويات.. واعتدل بالكميات، واستعن بخبرات طبيب إذا استدعى الأمر وتأكد من الفوز بإذن الله.
ودمتم لي سالمين
الراية
عذراً التعليقات مغلقة