حامد الحمود
أين مجلس الأمة والحكومة من تدهور جودة التعليم؟ AA مع أن هناك بشكل عام رضاءً شعبياً عن نتائج الانتخابات لمجلس الأمة، إلا أني لست متأكدا كم من أعضائه يحملون معهم هموم إصلاح التعليم؟ وكم منهم سيثير اهتمامه اعلان امتحانات التيمز بتاريخ 8/12/2020 في العلوم والرياضيات للصف الرابع الابتدائي التي أكدت نتائجه تخلف مستوى الطلبة الكويتيين ليس بالنسبة للفنلنديين والسنغافوريين وانما بالنسبة لدول الخليج بما في ذلك ايران. وقد وصل الفارق بين الطلبة الكويتيين من جهة والطلبة الإماراتيين والبحرينيين من جهة اخرى لأكثر من مئة نقطة من اجمالي 600 نقطة. وللعلم فإن هذه الامتحانات تجرى كل خمس سنوات لعينة عشوائية كبيرة نسبيا تختارها الجهة المنظمة للامتحانات وليست الدولة نفسها. فالمجلس السابق كان شبه صامت عن تدني مستوى التعليم الذي أصاب التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي، حتى أصبحت الكويت مثلاً على الصرف العالي على التعليم من جهة، وتدهور مستوى التعليم من جهة أخرى. ويلاحظ أن هناك أقل من عشرة أيام بين ظهور نتائج الانتخابات وانعقاد مجلس الأمة الذي سيكون في 15 من الشهر الحالي. وبعد أن تم اختيار سمو الشيخ صباح الخالد لتشكيل الحكومة الجديدة، فسيكون لديه أقل من أسبوع لاختيار أعضاء وزارته. أفكر بهذا منتظرًا تعيين وزير للتربية لا يقبل بمنصبه إلا بعد أن يوضح لمن اختاره أن إصلاح التعليم في الكويت مهمة أكبر من وزير. وأنه لكي يبدأ الإصلاح، على الحكومة أن توفر للوزير الأدوات التي أهمها: أن يسمح له بإجراء تغييرات جذرية في القياديين داخل الوزارة نفسها. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الكويتيين على ثقة بأن تكون الدورة الثانية هذه لسمو الشيخ صباح الخالد في رئاسة مجلس الوزراء بداية ممنهجة لإصلاح التعليم. فلوزير التربية دور كبير في إصلاح التعليم، لكنه طرف واحد ضمن منظومة متكاملة تحدد من قبل رئاسة مجلس الوزراء، وبالتنسيق مع الأمانة العامة للتخطيط. وهذه المنظومة تتكون بالدرجة الأولى من الوزارات أو الهيئات التالية: 1. وزارة التربية ووزارة التعليم العالي 2. جامعة الكويت 3. الهيئة العامة للتعليم التطبيقي 4. المركز الوطني لتطوير التعليم 5. الأمانة العامة للتخطيط فتخلف التعليم في الكويت في الوقت الحالي في سلسلة تبدأ بالروضة وتنتهي بسوق العمل، وكل مخرج منها يضيف إلى تدهور المخرج الذي يليه. وعلى الرغم من الإمكانات المادية فإن النتائج متدنية. فمعدل معلمات الروضة إلى الأطفال هو الأعلى في الكويت بعد أيسلندا من بين دول العالم. ومع هذا، فأطفالنا هم من الأقل تحضيرا للصف الأول الابتدائي، وتلاميذ الصف الأول الابتدائي هم الأقل تحضيرا للصف الذي يليه. وفي نتائج الاختبارات الدولية في القراءة والعلوم للصف الرابع الابتدائي والصف الثامن، تسبقنا البحرين بمئة نقطة! هذا وتستمر السلسلة في تدهورها، فمع نسبة النجاح العالية بين طلبة وطلاب الثانوية العامة التي بلغت %99.7 للسنة الأخيرة، إلا أن أداءهم في اختبار القدرات في الجامعة مستمر في التدهور. هذا ووفقاً لتقرير «رأس المال البشري ركيزة في خطة التنمية الوطنية» الصادر عن الأمانة العامة للتخطيط، فإن هناك فجوة تعليم تبلغ 4.8 سنوات دراسية بين الطلبة الكويتيين والطلبة في دول متقدمة في التعليم مثل سنغافورة وفنلندا. فقدرات طالب الثانوية العامة تعادل بالمتوسط قدرات طالب في السنة السابعة في سنغافورا أو فنلندا. وتنتقل هذ الفجوة إلى سوق العمل. فالكويتي بالمتوسط متخلف بالقدرات والمعارف أكثر من أربع سنوات عن السنغافوري أو الفنلندي عندما يصل إلى سوق العمل. وبناء على ذلك، فإن الشكوى من تدهور مخرجات التعليم مستمرة، وبصراحة حتى من وزراء التربية. فقد صرح مثلاً وزير التربية السابق د. محمد الفارس لـ «الشاهد» بتاريخ 28/09/2017: «أن الوزارة مجبرة على توظيف خريجي كلية التربية الأساسية وإن كان مستواهم العلمي لا يؤهلهم للتدريس»، وبسبب هذا التراكم في تدهور التعليم ووفقاً لتقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمانة العامة للتخطيط، فإن الطفل المولود في الكويت اليوم سيتمكن من 58 % من إمكاناته الإنتاجية بالغاً. و مع هذا التدني في مستوى التعليم، فإن الكويت تصرف 1.9 مليار دينار على التعليم وهذا لا يشمل ميزانية جامعة الكويت والهيئات الدراسية العليا. لكن المكافئ الحقيقي يظهر وكأنما ما صرف يعادل 0.5 % من الميزانية فقط. أي إن ما صرف ولم يؤثر في رفع مستوى التعليم يعادل 99.5 % من الميزانية. لذا فإنه مع أن الكويت تنافس فنلندا بما تصرف على التعليم الطالب الواحد لكن وفقاً لما أخبرني به خبير في البنك الدولي، فإن مستوى التعليم في الكويت هو بمستوى دول الصحراء الأفريقية مثل النيجر ومالي، لكن المباني في الكويت أفضل! ولكن ما الحل؟ ليس هناك دواء سريع التأثير لشفاء معضلة التعليم في الكويت. لكن لا بد من وضع منهجية للإصلاح تبدأ من تحول قيادة منهجية الحل من الوزارة إلى الدولة. فالوزارة كما هي عليه حاليا، بإمكاناتها الإدارية وبيروقراطيتها المتهالكة هي جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل. فإصلاح التعليم إستراتيجية دولة وليس باستراتيجية وزارة. ومن الأنسب أن نبدأ بإحياء دور المجلس الأعلى للتعليم وترقية مرجعيته من الوزير إلى سمو رئيس مجلس الوزراء. كما يبدأ كذلك بفصل مرجعية المدير العام للمركز الوطني لتطوير التعليم عن وزير التربية، ليتمكن من القيام بدوره في تطوير التعليم. أما النداء الأخير والمهم، فلأعضاء مجلس الأمة الكرام بأن يولوا إصلاح التعليم الأهمية المتوقعة منهم وأن يطلبوا من وزير التربية خطة لرفع مستوى أداء الطلبة الكويتيين في الامتحانات الدولية، وأن يتوقف بعضهم عن ضغوطاتهم على الوزير لترقية صديق أو قريب.
القبس الكويتية
عذراً التعليقات مغلقة