الفينيق
الزبير خياط
شاعر من المغرب
إلى ضحايا فاس في أدنى الماء
وضحايا العراق في أقصى الماء
دجنبر 1991
عندما ثقَبَتْ
قلبَكَ الغضَّ طلقَتُهُمْ،
قتلتْ رعشةَ الخوفِ فيه
فلم يَنطفئْ .
أنت لَمَّا فتحتَ مساحاتِ صدرك للنارِ
قد كنتَ تُرضعُها
دَمَكَ المُتَخَثِّرَ كي يشتعلْ .
فالرصاصُ إذا ما شوى لحمَنا
صار وصلتَنا للغناءِ
ومِنديلنا للحبيبْ !
*********
شَعْرَةٌ بيننا للتواصلِ يا قاتلي
سَنَشُدُّ فلا تُرْخِهَا ،
إنَّ هذا الهواءَ الذي بيننا طعنةٌ
فاحذرِ النجمَ والليلَ ،
بينهما نَخْتَبِئْ .
“مُضَرٌ” لم تَعُدْ غَضْبَةً
تَهْتِكُ الشمسَ
أو يَقْطُرُ الدمُ من قَرْنِها
إنها الرأيُ – يا قاتلي- والمكيدةُ
يومٌ بِيَوْمٍ
لنا اللهُ مولى ، ولا ربَّ لكْ .
حينَ تَهْتَزُّ في حقلنا السُّنبلهْ
أتخيلُ رأسَك يرقُصُ في المِقصلهْ !
إنهُ العدلُ
أُشفقُ أن يهزمَ النُّبْلُ زَنْدَكَ
يا حِقدَنا
فتصالحَ أو تمنحَ المغفرهْ.
********
“إِرَمٌ” وجهكِ الغَضُّ في فُوهَةِ الموتِ مَلْحَمَةُ
من يُسَدِّدُ جمرَ الفواتيرِ غيرُكِ
يا “فاسَنا” المُثْخَنَهْ ،
أنتِ يا أختَ دجلةَ
توأمةُ النبضِ والجُمجمهْ
حين عانقتُ فيكِ المواويلَ أشرعةً
كان لونُ الفراتِ الرصاصيُّ
أجملَ عاشقةٍ
رقصتْ بين أذرعِنَا
كانتِ الكأسُ طافحةً بالنشيدِ
وعينكِ طافحةُ بالعذابِ
احذري ..
سَأُطَرِّزُ حاشيتي بالدماءِ
فهل تكسرينَ مَرايَاكِ في شرفتي ؟
هذه الحربُ مِرآتُنا
كيف صرنا عُراةً
سوى من حقيقتنا
كيف صاروا عُراة
سوى من خيانتهمْ .
بين خيطِ الهزيمةِ والنصرِ
كِدْنا نُجَنُّ
ونَمْنَحُ أَعْرَاسَنَا للغُبَارِ،
لَكِدْنَا نُصَدِّقُ أنّا انْكَسَرْنَا .
*******
قلتُ لا ،
نحنُ تحت الرَّمَادِ
نُؤَجِّجُ للنَّفْخَةِ القادمهْ .
كانون الأول/ ديسمبر 1991
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة