احمد الجارالله
إثر إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في الكويت، بالاستنكار والتنديد، فيما حركت تجمعات هلامية غامضة، وغير معروفة، محركات صواريخ بياناتها الرافضة لهذه الخطوة، وكأنها فيالق عسكرية قاتلت على جبهات الحروب العربية كلها، وعادت، للتو، منتصرة إلى أرض الوطن.
إنّه لأمر يدعو إلى السخرية، لأنّ تلك القوى لا يتعدى عدد الأعضاء في الحزب الواحد منها عدد أصابع اليد الواحدة، ورغم ذلك فإنها تنفخ نفسها إلى حد كأنها قوة عظمى، غير مدركة أن الكويت أولاً وأخيراً لن تشذ عن المسار الخليجي، ولن تخالف المزاج الدولي، وبالتالي سيأتي اليوم الذي تقيم فيه علاقات مع إسرائيل، كبقية الدول العربية والإسلامية.
ربّما على هؤلاء أن يفهموا أن الكويت لا تستطيع صناعة بطولات على دول أقوى منها، وأن لديها مقاربات واقعية، أما حزب “الديك المنتوف” و”تجمع الرحمة بالدجاج” وغيرها من المسميات التي تهب علينا في المناسبات تحت شعارات قومجية أو إسلاموية، فهي لا تأثير لها ولا يحسب لها حساب في الموقف الستراتيجي.
على الذين أطلقوا صواريخهم الكلامية في كل اتجاه أن يرَوْا الحقيقة، وينزعوا عن أعينهم النظارات السود، ويدركوا أن إسرائيل هذه لم تعد كياناً لقيطاً، بل أصبحت دولة تتمتع بعلاقات دولية ودعم أممي، أكان من الولايات المتحدة الأميركية أو روسيا أو الصين وبريطانيا وفرنسا والهند، وغيرها من كيانات المجتمع الدولي، وهي تقدم نفسها على أساس أنها طالبة سلام، وليس صانعة حرب، كما أنها تتمتع بقاعدة صناعية وتكنولوجية وزراعية كبيرة وراسخة.
في المقابل ماذا قدمت 22 دولة عربية و56 دولة إسلامية طوال 75 عاما من الصراع؟ هل حررت شبرا واحداً من فلسطين، أو فرضت شرطاً واحداً على إسرائيل؟ أليست هي من قبلت بكل الشروط الإسرائيلية طوال العقود السبعة الماضية، ولم يكن لديها إلا الشعارات والخطابات العنترية؟ وهل يعتقد هؤلاء أن قصيدة أحمد شوقي التي يقول فيها:
وللحريةِ الحمـراءِ بـابٌ
بكل يدٍ مضرَّجـَةٍ يُـدقُّ”
ستغير الحقيقة الموجودة؟
عندما تصبح هذه الأمة تأكل مما تزرع، وتلبس مما تنسج، وتقاتل بأسلحة مصنوعة في مصانعها، عندها يمكن الكلام عن قوة ما، وربما ستقول إسرائيل أمام هذه القوة: هذه فلسطين خذوها، لكن مادام الفلسطينيُّ يشتري بالشيكل، ويستورد خبزه وطعامه وملابسه الداخلية من المستوطنات، والعرب كذلك على هذه الحال، عليهم أن يصمتوا جميعاً ولا يستعرضوا عضلاتهم الصوتية.
السياسة
عذراً التعليقات مغلقة