سامي مهدي
يفغيني يفتوشنكو شاعر روسي مخضرم ، ولد عام 1933 واشتهر في خمسينيات القرن العشرين وستينياته مع شعراء روس آخرين منهم أندريه فوزنسينسكي وبيلا أخماتوفا حتى أصبح من النجوم ، وذاع صيته في العالم وترجمت أشعاره إلى عدة لغات .
قبل أيام عثرت بين أوراقي على قصيدة له مترجمة للإنكليزية ، كتبها في آذار عام 1991 بعد أن حل بالإتحاد السوفييتي ما حل في ظل رئاسة ميخائيل غورباتشوف .
وحين أعدت قراءتها قلت لنفسي : يا للعجب كم تبدو هذه القصيدة الآن قصيدة عراقية !
فقمت بترجمتها ، وهذا هو نصها :
.
الفقدان
.
روسيا أضاعتْ روسيا في روسيا .
روسيا تبحثُ عن نفسها
كإصبعٍ مقطوعة في الثلوج
إبرةٍ في كومة قشّ
عجوزٍ عمياء تمدّ يدها
في الفضاءِ كالمجنونة ،
تبحثُ بتعويذة دون أملٍ عن حليب ضائع .
لقد دفنّأ أيقوناتِنا
لم نعد نؤمنُ بكتبنا العظيمة
وصرنا نحاربُ بأحقادِنا الغريبة .
أصحيحٌ أننا لم ننجُ تحت
ظلمِنا أنفسَنا حتى أصبحنا
أسوءَ من أعدائنا الأجانب ؟
أصحيحٌ أنه كُـِتبَ علينا
أن نعيشَ ، فقط ،
في ثوبِ نومٍ حريري ينهشُه العثّ ؟
أو ثيابِ السجنِ المرقّمة ؟
أصحيحٌ أن الصرَعَ سمتنا القومية ؟
أم أنها زلزلة الكبرياء ؟
أم زلزلة إذلال النفس ؟
ثورات جديدة ضد نقود نحاسية ،
ضد فواكه غريبة – كالبطاطا –
التي هي الآن حلمٌ غيرُ مزعج
الثورة الآن تجتاحُ الكريملين كله ،
كالمدّ القاتل ،
أصحيحٌ أننا ، نحن الروسَ ، لا نملك
غيرَ خيارٍ واحدٍ تعيس ؟
شبح القيصر إيفان الرهيب ،
أو شبح القيصر فوضى ؟
كم هناك من مدعين !
ويا له من ” ادّعاء” !
كل واحد منا قائد ، ولكن لا أحد يقود .
لا نعرف أية أعلامٍ أو شعاراتٍ نرفع .
وثمة من الضباب في رؤوسنا
حتى أننا صرنا كلنا على خطأ
وكلنا مذنبٌ في كل شيء .
لقد سرنا في الضباب حدّ الكفاية
وفي الدماء حدّ الركب .
يا إلهي كفى عقاباً .
إغفر لنا وأشفق علينا .
أصحيحٌ أننا لن نوجد بعد الآن ؟
أم أننا لم نولد بعد ؟
نحن نولد اليوم ،
لكنه عذابٌ عظيمٌ أن نولد مرة أخرى
عن صفحة سامي مهدي -فيسبوك
عذراً التعليقات مغلقة