بايدن وبيتُه الزجاجيّ

4 مارس 2021
بايدن وبيتُه الزجاجيّ
حسناء القنيعير

د. حسناء عبدالعزيز القنيعير 

أن يتكالب الأعداء على بلادنا بشتى طوائفهم من دول ويسار غربي ومتطرفين عرب ومسلمين وإخونج ، وعملاء لدويلة قطر من المواطنين الفارّين ، فهذا كله ليس جديدًا ، فهناك من ناصب بلادنا العداء منذ تأسيسها من الغرب والعرب ، وما فعله عبدالناصر والأسد وصدام  والقذافي من الثورجية العربية ما زال مزروعًا في ذاكرة جيلنا ، لكنّ الأجمل أنهم رحلوا وبقيت بلادنا شامخة ، ولم يستطع اللاحقون النيل من صرامة بلادنا ولا من قدرتها على إفشال مخططاتهم .لكنهم لم ييأسوا ، خصوصًا بعد أن تكسرت رماحهم على صخور صمود بلادنا بتصديها لمشروع الشرق الأوسط الكبير، والفوضى الخلاقة التي تبّناها أوباما الخبيث ووزيرة خارجيته هيلاري الحمقاء . وكان إفشال بلادنا احتلال البحرين لتسليمه إيران كما سلموها العراق ذات غزو أمريكي جائر، ثم الوقوف إلى جانب مصر بإنجاح ثورة الشعب المصري ضد حكومة الإخوان المفسدين ،كل هذا جعل أعداء الخارج والداخل يتكالبون على بلادنا فيعملون على استغلال أيّ حادثة مهما كان حجمها ؛ ففي جلسة كجلسات الزار بل وتحضير الأرواح التي جسدتها السينما المصرية جرى استحضار ملف خاشقجي ، فاجتمعت قوى الشر من ساسة ويسار أمريكي بشواذه ومثلييه ،ومنظمات دولية ، وقوى غربية وإقليمية على رأسها تركيا وقطرائيل،وسماسرة العمل من الباطن من السعوديين الهاربين عملاء الاستخبارات الغربية ، ذلك أن حادثة مقتل خاشقجي ويا للعجب لم تكن ولن تكون أولَ ولا آخرَ حدث في العالم بأسره .

فأن يظل هذا الملف الشغل الشاغل لكل تلك القوى منذ العام 2018  الذي اشعلته تركيا وقطرائيل، لا تفسير له سوى العمل على شيطنة بلادنا حكومة وشعبًا ، بعد أن فشلوا في إيقاف عجلة التنمية ومشاريع التطوير في بلادنا التي لا غاية لهم من إيقافها سوى أن تبقى بلادنا عالة عليهم ، ومجرد دولة مستهلكة لمنتجاتهم ؛ فقد استفزتهم شخصية محمد بن سلمان بشبابه وطموحه ونظرته المستقبلية ، الذي بإذن الله سيكون شوكة في عيونهم على مدى نصف قرن قادم ، وكانوا يأخذون على بلادنا أن حكامها كبار في العمر ، فلما جاء شاب أثار جنونهم .

إنّ بايدن وجنودَه وزبانيته يرون القذى في عيوننا ولا يرون العودَ في عيونهم

لقد جرى توضيف ملف حقوق الإنسان الذي أوقفوه على خاشقجي، في غاية السذاجة التي لا تغفلها عين حتى عيون الأطفال، فبدت صفحات التقرير كصفحات المجلات الصفراء (Tabloids).فأن يخطيء نفر ممن أوكلت إليهم قضية من القضايا ، فذلك الخطأ لا يتحمله حاكم الدولة ، وإلا فإنّ الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن كان يجب أن يحاكم بسبب فضيحة سجن (أبو غريب) التي قام بها أشخاص من الشرطة العسكرية الأمريكية ،ففي أوائل 2004  تفجرت تلك الفضيحة التي تمثل أضعاف ما حدث لخاشقجي ، نظرا لكثرة أعداد السجناء على مدار سنوات ، وتنوع أساليب انتهاكاتهم من جسدية ونفسية وجنسية وتعذيب وقتل ،وغير ذلك مما يندى له جبين العدالة والحق وكرامة الإنسان التي لا يعرف منها بايدن وجنوده إلا ما يتعلق بخاشقجي.

إنّ حقوق الإنسان ذات المكاييل المتعددة عند الغرب لا ترى الانتهاكات في أمريكا وتركيا وإيران وإسرائيل وقطر على سبيل المثال فقط ، ففي أمريكا تعيش قبائل الهنود الحمر أهل البلاد الأصليين داخل محميات منعزلة عن الأمريكيينIndian reservation   ،ولا يتمتعون بحقوق المواطنة إلا من خرج من المحمية واندمج في المجتمع الأمريكي، وقد أعفُوا من دفع الضرائب فقط ، فأين حقوق الإنسان من هذا التمييز العنصري ؟ فكونهم اختاروا العيش في تلك المحميات فإن هذا لا يعني حرمانهم من الحقوق التي يتمتع بها شذاذ الآفاق الذين احتلوا أراضيهم ،ناهيكم عن العنصرية التي تمارس ضد الملونين وخصوصًا ذوي الأصول الإفريقية ، وجميع من عاش في أمريكا يعلم أن هناك أحياء لا يمكن أن يسكن فيها ذوو البشرة السمراء حتى لو كان خريج أكبر الجامعات الأمريكية .

لقد استفزتهم شخصية محمد بن سلمان بشبابه وطموحه ونظرته المستقبلية ، الذي بإذن الله سيكون شوكة في عيونهم على مدى نصف قرن مقبل

أمّا ممارسة العنف تجاههم من قبل رجال الشرطة الأمريكية فلا تخطئه العين، وكلنا رأى على القنوات التلفازية حادثة الأمريكي جورج فلويد الذي لفظ أنفاسه تحت ركبة ذلك العلج وهو يستغيثه :لا أستطيع التنفس حتى فاضت روحه ، ومع ذلك لم يعاقب ذلك الشرطي على الرغم من سوابقه المتعددة فأفرجوا عنه لمجرد أنه أبيض ، وحذا حذوه نفر آخر من رجال الشرطة . تخيلوا لو حادثة كهذه حصلت في بلادنا ! 

منظمات حقوق الإنسان أغمضت عيونها عن المهاجرين من أمريكا الجنوبية وغيرها في عهد ترامب  الذي أمر بفصل أبنائهم ممن هم دون الخامسة عشرة عن آبائهم وأمهاتهم الذين وضعوا في معتقلات ،أين من ذلك معتقلات النازية ؟!

وبما أن الشيء بالشيء يذكر فأين منظمات حقوق الإنسان عن معتقلي غوانتانامو ذلك المعتقل سيء السمعة، الذي استعملته أمريكا سنة 2002 لسجن من تشتبه في كونهم إرهابيين ، ولذلك المعتقل سلطة مطلقة فلا ينطبق عليه أيّ من قوانين حقوق الإنسان إلى الحد الذي جعل منظمة العفو الدولية تقول إن معتقل غوانتانامو الأمريكي يمثل همجية هذا العصر، نعم إنها همجية فهناك من أمضى أكثر من خمسة عشر عاما دون محاكمة ومنهم أبرياء أمريكا نفسها اعترفت بذلك لكن أخذتها العزة بالأثم فلم تفرج عنهم ، لكنّ فتاة سعودية طائشة متخابرة مع قطرائيل قال قضاؤنا كلمته في حقها لم يستح رئيس أكبر دولة في العالم من إعلان الإفراج عنها في بدء خطاب له ، بعد أن جعل منها أيقونة لحرية المرأة ، وهي ليست أكثر من مدعية ومتسلقة ومجترئة على حق نسوة قدن السيارات في شوارع الرياض عام 1990 ولمـــّا تلدها أمها بعد! فيا للسخرية !

أمّا أكبر طوام السياسة الأمريكية في المنطقة العربية فهي غزو العراق وتسليمه إيران من قبل أوباما -على طبق من ذهب- أوباما العاشق المستهام بإيران حدّ وصفه العرب بأنهم أمة همجية لا حضارة لهم (تبا له ) فحمام الدماء العراقي بالمعنى الحقيقي للكلمة، وتدمير بلد بكامله علاوة على ملايين من مواطنين بين قتيل وجريح ومفقود ومهجّر، كل ذلك كان مبنيًا على أكاذيب، فلقد  ترسخت في الذاكرة الجماعية صورة وزير الخارجية الأمريكية كولن باول في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي عام 2003 وهو يزعم كاذبًا امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل ، ثم تبين كذب هذه الادعاءات ، إذ وصف باول نفسه خطابه السابق بأنه وصمة عار في حياته المهنية، فلماذا لم يعاقب جورج بوش الابن بوصفه من أمر بالحرب ، وكذا الكاذب كولن باول ؟؟؟ فما حدث كان قضية شعب كامل وبلد مدمر، ومنطقة عربية ما زالت تعاني من تداعيات ذلك الاحتلال الآثم ، وليست قضية رجل واحد جعلوه رمزا لحقوق الإنسان المزعومة .  

 أين الرئيس الأمريكي المتشدق بملف حقوق الإنسان في بلادنا، عن حقوق أكثر من 50 مليون شخص يعانون الجوع في الولايات المتحدة هذا العام ، مقابل 35 مليون شخص في العام السابق؟ ونظرا لانشغال الرئيس بقضية خاشقجي أخذ المواطنون على عواتقهم ابتكار وسائل جديدة لإطعام المحتاجين بوضع ثلاجات للطعام في أكبر المدن الأمريكية حسب ماأورده موقع  BBC Arabic.

ختامًا لقد كان تقرير الإفك مدعاة استغراب وتهكم من بعض الساسة الأمريكيين ، فهاهو وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو يقول: “إن إدارة الرئيس جو بايدن تريد أن تجعل السعودية عدوًّا للولايات المتحدة، بينما هي شريك أمني مهم”، ونقلت قناة فوكس نيوز قوله : …يريدون أن يجلسوا ويبرموا صفقات مع الإيرانيين الذين قتلوا أشخاصًا في جميع أنحاء العالم …فإذا كنت تبحث عن عمليات قتل إقليمية فعليك أن تنظر إلى المرشد علي خامنئي ووزير خارجيته جواد ظريف والرئيس حسن روحاني، وليس في السعودية”.

ختامًا إن بايدن وجنوده وزبانيته يرون القذى في عيوننا ولا يرون العود في عيونهم . 

كاتبة واكاديمية سعودية

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com