وحيد عبدالمجيد
لا تزال موجة التشكيك فى لقاحات كورونا ورفض تعاطيها مؤثرة فى كثير من بلدان العالم، رغم الجهود التى تُبذل لتوسيع نطاق الاقتناع بأهميتها وجدواها. ولهذا التشكيك تاريخ طويل بدأ منذ ابتكار أول لقاح، وكان مضادًا لمرض الجُدري، فى نهاية القرن الثامن عشر. فقد أُنشئت على مدى أكثر من قرنين مئات الروابط المعارضة للقاحات لأسباب مختلفة كان بعضها دينيًا, بينما ارتبط أكثرها إما بعدم الثقة فى الأطباء والحكومات، أو باعتقاد فى أن حملات التطعيم تنتهك الحرية الشخصية عندما تكون إلزامية.
ومن هذه الأسباب أيضًا أُثر الانتماء إلى أقليات تعرضت إلى تمييز ضدها فأدى إلى تخوف بعض أبنائها من أن يكون تلقيحهم وسيلة للخلاص منهم، أو لتجربة لقاح عليهم. ولا يزال بعض هذه الأسباب دافعًا إلى رفض لقاحات كورونا فى الوقت الراهن. ولكن هناك دافعين جديدين. أولهما الشك فى جودة لقاحات طُورت وبُدئ فى إنتاجها خلال أقل من عام، فى حين احتاج التوصل إلى اللقاحات السابقة سنوات طويلةا. ومنطق الشك هنا أن تكون السُرعة على حساب مستويات الأمان والفاعلية. أما الدافع الثانى فيرتبط بمخاوف من لقاحات معينة. يخشى البعض لقاحى فايزر – بيونتيك، ومودرنا، بسبب اعتقاد فى أن تقنية الحمض النووى تؤثر فى جينات المتعاطين. كما أثارت تقارير عن ضعف فاعلية لقاح أوكسفورد-استرازيتيكا لدى كبار السن مخاوف لم تقتصر عليهم، بل شملت آخرين من فئات عمرية مختلفة. ولا يوجد بعد ما يؤكد أن المخاوف بشأن حدود فاعلية هذا اللقاح تراجعت رغم البدء فى مراجعة ما ورد فى تلك التقارير. فلم تقطع المراجعة التى أجريت حتى الآن هذا الشك باليقين، إذ اقتصرت على توضيح أن عدم الثقة فى فاعلية اللقاح لا تستند على دليل علمى أو تجريبي، بل تعود إلى أن تجارب المرحلة الثالثة عليه لم تشمل إلا نسبة محدودة من كبار السن. وربما يؤدى تباين أسباب رفض لقاحات كورونا ومنطق كل منها, على هذا النحو, إلى تناقص أعداد المقتنعين بهذا أو ذاك منها تدريجيًا، ولكن ليس إلى إقبال كامل على تعاطيها.
عذراً التعليقات مغلقة