عبد العزيز شبراط
المغرب
مع اقتراب كل استحقاق ببلادنا ينشط الترحال الحزبي وتتغير المواقع، ويبقى السؤال المركزي في كل هذا، ما مصداقية
هذه العملية وما العيب فيها إن كانت فعلا معيبة؟
العيب في الترحال الحزبي، بعد الفوز في الانتخابات، وهو أمر أصبح غير مسموح به قانونيا منذ مدة ببلادنا، لأنه أخلاقيا لا يعقل أنيتجاهل المنتخَبُ إرادة الناخبين الذين صوتوا عليه ويضرب عرض الخائف الثقة التي وضعوها فيه على أساس برنامج حزبي ما، ثمفجأة يغير انتمائه الحزبي، دون مراعاة لإرادة من مكنوه من ذلك المقعد، ولا يكلف نفسه حتى عقد اجتماع علني أو ندوة صحفيةيوضح فيها أسباب تغيير انتمائه مقدما اعتذاره لمن صوتوا عليه.
لكن قبل إجراء الانتخابات، ليس هناك أي عيب في أن يغير المرشح لونه الحزبي السابق، ما دام لم ينل بعد ثقة الناخبين، فذلكيدخل في إطار الحرية الفردية للأشخاص، التي يكفلها القانون المغربي بل وحتى قوانين بلدان أخرى، و طبيعي أن أن يتقدم شخصما إلى الانتخابات بلون حزبي ما، ثم بعد الفوز باسم هذا الحزب وبعد وقت من الممارسة، يتبين له أن الممارسات التي تتم داخلهذا الحزب، لا تتماشى واقتناعاته، أو تختلف مع مبادئه والطموحات التي على أساسها تقدم للإنتخابات، والتي يرى حسب قناعاته أنهالن تمكنها من الوفاء بما التزم به أمام الناخبين، وبالتالي من حقه تغيير اللون الحزبي في الاستحقاقات الموالية، علما أن معظمالأحزاب ببلادنا لا يقتصر تقديمها للمترشحين إلى مختلف الاستحقاقات على المناضلين فقط، بل كلها تعتمد بالأساس على من لهفرص كبيرة للفوز، وخصوصا الأعيان وذوي النفوذ المالي، نظرا للقواعد الديمقراطية التي تمكن الحزب الحاصل على أعلى عدد منالنواب قيادة الحكومة والتكليف بتكوينها مع أحزاب أخرى لضمان الأغلبية المريحة، التي بواسطتها يستطيع الحزب الأول فيالاستحقاقات، تنفيذ برنامجه الانتخابي الذي وعد به الناخبين وتعاقد معهم بشأنه، رغم صعوبة الأمر خصوصا إن كان التحالف “لقيطا”،إضافة الى هذا نعلم جميعنا أنه ببلادنا لا زال معظم عناصر الهيئة الناخبة يصوتون بمنطق بعيد كل البعد عن البرامج الانتخابية التييتقدم على أساسها المترشح في الاقتراع الفردي، أو الذي يتقدم به الحزب في الاقتراع باللائحة، لكسب ثقة الناخبين، لكننا لا زلنابعيدين عن مثل هذه المفاهيم، وما زلنا نضع منطق القبيلة وابن الحي أو الدوار أو البلد، كما أنه في كثير من الأحيان يغلب منطقالمال الفاسد على كل ذلك، نظرا لمجموعة من العوامل المتعلقة سواء بالأوضاع الاجتماعية للناخبين أو الأوضاع السوسيو ثقافية.
المترشح ببلادنا في حقيقة الأمر، لا صفة له ولا لون له، ما يملكه المترشح الانتخابي هو فقط وعودا أو مالا فاسدا، أو حسابا زبانية،وبالتالي من حقه أن يترشح اليوم بهذا اللون وفي الانتخابات القادمة يغير لونه بلون أخر دون أي مركب نقص، فذلك لن يحدث آيتغيير سواء على مستوى سلوكه، أو على مستوى التزامه بما قدمه لمن صوتوا عليه.
لكن يبقى همنا اليوم، وفي هذه الظروف الصعبة التي عانت منها البلاد طيلة العشر سنوات الماضية، هو محاربة الظلام والحفاظعلى النور ومصداقية المؤسسات، التي بفضلها وبفضل ملك البلاد استطاعت بلادنا إحراز تقدم ملموس على مستوى الدولة المغربية،رغم المعاناة التي عاناها المواطنون طيلة الولايتين الحكوميتين الماضيتين.
عذراً التعليقات مغلقة