الرباط – قريش
غيب الموت الاثنين، المفكر المغربي محمد سبيلا ، عاشق الحداثة، المغربية والعربية، عن عمر يناهز 79 عاما ، بإحدى المصحات الخاصة بالعاصمة المغربية الرباط، بعد مضاعفات مع وباء كورونا ، ونعى عدد من الكتاب المغاربة عبر صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك أو عبر مجموعات من خلال التواصل الفوري ” الواتساب” .
وبذلك تكون قد طويت مرحلة من تاريخ الثقافة المغربية الحديثة أسس صاحبها للتنوير وللدرس الفلسفي بالجامعة المغربية.
والراحل محمد سبيلا كاتب ومفكر مغربي، يلقب بطبيب الحضارة، اهتم بالدرس الفلسفي واشتغل بسؤال الحداثة والدولة المدنية و”عقلنة” الخطاب الديني، وكان قد أصيب بالفيروس ، منذ حوالي عشرة أيام، وبحسب مصادر مقربة من أسرته كان يتابع العلاج ببيته، إلى أن “تدهورت حالته الصحية وتأزمت وضعيته التنفسية، فاضطرت أسرته إلى نقله، إلى مشفى الشيخ زايد بالرباط، حيث يتابع العلاج لمدة قاربت خمسة أيام.”
انشغل الراحل بأسئلة الحداثة وما بعد الحداثة، و”عقلنة” الخطاب الديني، وقضايا الدولة المدنية والفرق بينها وبين الدولة الكهنوتية، وما تطرحه الحركات الإسلامية في هذا الصدد. وتابع تحولات المجتمع المغربي وتطورات ثورات الربيع، واعتبر صعود الأحزاب الإسلامية للحكم مسارا طبيعيا يقودها أكثر إلى الديمقراطية وتعديل أفكارها وتجديدها والتفاعل مع المجتمع بشكل أفضل بناء على الواقع وليس على الرغبات والأحلام والمثل.
وتميز المفكر المغربي الراحل محمد سبيلا بتقمص دور طبيب الحضارة- متجاوزا بذلك حدود أفق الثقافة المغربية الحديثة والمعاصرة التي لم تهيئ الفيلسوف للقيام بهذا الدور- فيقوم أوّلا بتشخيص أعراض المرض المزمن الذي يعاني منه المجتمع التقليدي والذي استفحل أمره مع الاصطدام بالحداثة الغربية.
ويذكر أن المفكر المغربي الراحل محمد سبيل ولد عام 1942 في مدينة الدار البيضاء ، تابع دراسته الجامعية العليا بالرباط في كلية الآداب والعلوم الانسانية، ثم سافر إلى السوربون في باريس ، حيث حصل عام 1967 على البكالوريوس في الفلسفة. وحصل عام 1974 على دبلوم الدراسات العليا، وبدأ يكتب مبكرا وينشر مقالات ودراسات، وانخرط في اتحاد كتاب المغرب عام 1967، وحصل في كلية الآداب بالرباط عام 1992 على دكتوراه الدولة.
عمل أستاذا جامعيا في كلية الآداب بالرباط، ورئيس شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس بكلية الآداب بفاس ما بين عامي 1972 و1980.
وتولى رئاسة الجمعية الفلسفية المغربية ما بين عامي 1994 و2006، وإدارة مجلة “مدارات فلسفية” من العدد 1 إلى 18، وساهم في تحرير مجلة “المشروع”.
في سياق آخر، كان يعتقد أن “المجتمعات التي عرفت ثورات الربيع تعيش مخاضات تخرج فيها من إطار التقليد المتزمت ومن الإسلام الحركي العنيف إلى آفاق إسلام حركي ديمقراطي أو ديمقراطية إسلامية، وهذه خطوة من خطوات التاريخ لأننا لا ننتظر قفزات”.
يرى أن الانتقال الفكري والثقافي هو انتقال بطيء وعسير، أو بعبارة أخرى أن الزمن التاريخي وزمن التحول الاجتماعي يختلف عن الزمن الثقافي، فالزمن الثقافي زمن بطيء، والانتقال إلى الديمقراطية -الذي يعد رهان العالم العربي- دون الانتقال إلى ثقافة الحداثة، لأن هناك اقتباسا فقط لجزء من الحداثة، هو الحداثة السياسية
نشر في صحف ومجلات مغربية وعربية، منها: مجلة “أقلام” و”آفاق الوحدة” و”الفكر العربي المعاصر” و”المستقبل العربي”. ، كما ساهم في الترجمة في التأليف المدرسي والجامعي.
من إصداراته :
– “مخاضات الحداثة”
– “في الشرط الفلسفي المعاصر”
– “حوارات في الثقافة و السياسة”
– “الحداثة وما بعد الحداثة”
– “الأصولية والحداثة”
في الترجمة :
– ترجم كتاب “الفلسفة بين العلم والأيديولوجيا” للوي بيير ألتوسير.
عذراً التعليقات مغلقة