الطيب محمد جادة
توقفت عن الكتابة لفترة طويلة ، ذلك يرجع إلي اليأس والإحباط الذي أصابني من الأوضاع في بلدي المنهار اقتصادياً وامنياً وسياسياً . أين ما ذهبت إلى مناسبة اجتماعية أو ذيارة إلي أبناء وطني إلا وكان السؤال إلي أين ذاهب السودان ؟ هذا السؤال أجتهد كثيراً علي الإجابة عليه ، للأسف كان الجواب صادما وهو يتلخص في عدم الضمير والوطنية . الأوضاع لم تعد قابلة للتحمل و ليس هناك حل يلوح في الأفق غير السواد حياتنا كلها يأس وضياع !! هل هناك شخص له غيرة علي هذا الوطن وشعبه لكي يعيد لنا البسمة والأمل، ويجعلنا نشعر أن هناك في السودان – فعلاً عدالة ومساواة !! ومتي تكون هذه العدالة والمساواة وكيف .
أسئلة لا تنتهي في كل جلسات السودانيين ! وكلها ذات نكهة سياسية، وتحمل مضامينها معاني استفزازية، تجعل من يتعاطى معها يشعر بالضجر والاشمئزاز . حقاً لقد وصلنا إلى الحالة التي لا نتوقع بعدها إلا الانفجار.. للأسف المناخ السياسي مثقل بدخان أباطرة السياسة ورائحة العفن التي تفوح من كل تصريحاتهم.. ضاع الوطن ، وتاه الشعب ، وضلينا الطريق واختلت بوصلة النجاة وانعدمت الرؤية .
خذلنا السياسيون والأحزاب فكل همهم السلطة ، ساقوا لنا من الأوهام ما جعلنا نُصدِّق أنهم حريصين علي السودان وشعبه . لكن اليوم نكتشف أن جميع الأحزاب أقعدونا على خازوق يصعب الخروج منه إلا بالتخلص من هذه الأحزاب ومقاطعتها .
آه يا وطن.. وآه يا شعب، كلهم تآمروا عليك، وسلبوا كرامتك وانتهكوا عرين حريتك وحرماتك، وأذلوا ركائز وطنيتك، وكسروا شوكة هيبتك.
شباب ثورة ديسمبر اليوم حالهم يبعث على الألم ويدعو للأسى، حيث تحول هؤلاء الشباب الطامحون بتحقيق شعارات ثورتهم بفعل ما اقترفه السياسيون من خطايا وأخطاء إلى أمواتٍ غير أحياء.. نعم ربما وجد البعض منهم ضالته في التطبيل الي الخاصة السياسية التي تسمي نفسها قحت ، وهناك الآلاف منهم حائر إلي أين يذهب ، ومن بينهم من يفكر في ركوب قوارب الموت أملاً في الحياة بعيداً عن الأهل والوطن !! وهناك من يركض بحثاً عن وظيفة لا يكفي مرتبها إلي مصروف المواصلات !! وهناك كثير من الشباب فقد الامل في إيجاد وظيفة وبيت و زوجة يلاعبها وتلاعبه .
السودان مرشح لكل أنواع الكوارث الاجتماعية والمجاعة الصامتة وحتى المواجهات المسلحة بين أبناء الوطن الواحد هي سيناريوهات لا يمكن تغييبها.. فإن حدوث الانفجار والمواجهة ضمن التوقعات القائمة ومن الخطأ إغفالها ، ولا يظهر بأن هناك “صمامات أمان” كافية تمنع حتى اللحظة وقوع الكارثة.
لم أسمع في حياتي هذا القدر من مظاهر الشكوى الحزينة على ألسنة الكثيرين من أبناء وطني ، حيث الكل يسأل بوجع واستنكار: إلى أين تأخذوننا يا من أنتم بأيديكم مقود السفينة ؟! لقد أفقرتم بسياساتكم مستور الحال، وجرحتم حياء الكريم، ولم ترحموا عزيز قومٍ ذلَّ!!
ارحموا هذا الشعب ولا تُحمِّلوه أكثر من طاقته، فالتاريخ لن يرحم كل من أساء إليه، فالمجد هو تاجٌ لكل من رفع هامته، وضحى من أجله.
عذراً التعليقات مغلقة