الطَّريقُ إلى مَدارِ النُّور
صباح الدبي
شاعرة من المغرب
هيِّء لِليلِكَ ما يليقُ بعمرِه
واسكبْ بكفَّيه اكتمالَ البدر
أو ما شئتَ من عتَم اكتمالِك
اُنفُذْ ولا تخلعْ نِعالَ الجُرحِ
يا أنتَ المُسافر
هل جمعتَ الزَّاد
هل فاضتْ بواديكَ المُقدَّس دمعةُ الروح
اعتلالُ الفجر
هل ثَكلتكَ أوجاعُ البلاد
فصرت ترقدُ في يبابِك
هل هلَّلت غُصَصُ الحنين لموتك السِّري
للغة التي غزَلتْ بياضَك
يا لفتنتِها
تُقيم لك الصُّروحَ
يجيء هدهدُها بما لم تحتمله
من الضِّياءِ
ومن دوالِي الماءِ
……
عفواً !! لم يكن نبئِي سوى رجعٍ تكسَّر
فانتبذْ صمتاً قصيا
ليس نخلاً ما يُعرِّش من رُفاتِك
****************
وحدي هنا
العابرون صراطَ حزني قد مضوا
ضحَكاتُ روحي
عطر أوهامي
وشال حكايتي
نوني وكوني
حُمرةٌ كنت ادَّخرت بريقها
لشفاه قلب لم يزل يُخطِي الضياء إذا رمى
وطن يرمم بالبكاء عيونه
ويدسُّ أشلاء الصغار بجيبه
ويصير غيما مثقلا بالمستحيل إذا هما
يا بعض زادي
هل سيكفي ما شربت لأعبر العطشَ المقيم
وأسترد سماء كل الطيبين
وخبز أحلام تحمص
أكبرَته الأمهات
وقطَّعت أطراف كِسرته على جدثٍ قديم..
قُلْ هل سيكفي ما شربت
فالخطوُ يسقطُ من غصونِ الوقت
في عزِّ الخريف
والخوفُ ينشرُ رحمتَه؟
***************
لملم خطاك ولا تخف
قد يشتهي فيك الكلام
مواسمَ الحزن
البيادر تختفي في حَبِّ سنبلها
طيورٌ من سؤالك
************
ما زلت وحدي والمعابر مُقفرة
لا روح للزمن الذي خمَّنت
كل صُروفه
طين وماء
ومواسم الحزن الكئيبة لم تزل تمضي
بلا شجر ولا ثمر
يبددها الهباء
وأنا أقطِّر شهد ذاكرتي وأشرب خيبتي
وأطوف سبعا حول كعبة حيرتي
لبَّيك يا أثرا
يسير بلا ملامحَ في منافي الروح
يا شمس الحكايا
تستردُّ ضياءها
تُبقي على دمنا المُراق على شفوف قميصها
وتذوب في فلك الغياب
يا ريح يوسفها
عصيٌّ دمع هذا القلب أتعبه الخراب
يا هولَ ما لفظَ الخَراب
شرخٌ ببابِ القلب
موتٌ تشتهِي سكراتُه
المدنَ الحزينةَ
والأغانِي
كل ما خطَّته أيدِي غيمةٍ من أحرفٍ
جرحتْ جُموحَ الماء
علَّقتِ الهُطولَ
طَوتْ سِجِلَّ الرُّوح في كفنِ الفرَاغ
لم يبقَ غيركَ يا المُسافر في الفَراغ
ها أنتَ وحدكَ تغزلُ الطُّرقاتِ
تَفْتِقُ ما غزلتَ
تعيدُ رتقَ الغَزلِ
يسرقكَ التوجُّس من منَامك
تبكِي
تُحلِّقُ
تستعيدُ حطامَكَ المُلقى
على وجعِ الحكايةِ من علوٍّ شاهقٍ
تنسَى ولا تنسَى
تلمُّ خُطَى الذين تكاثروا في موتِهم
وتضيعُ في غدكَ الطَّريق
أنتَ انهمارُ الوقتِ والعطشُ المعلَّقُ في الـ هنالك
هل كنتَ تعرفُ أن ما يُفضِي إليك
يقدُّ من كلِّ الجهاتِ قميصَ صبرِكَ واحتمَالك
**************
نفقٌ على نفقٍ وروحِي تسألُ
هل في الطريق إليَّ
موتِي يُقتَل
هل يستريح فَرَاشُ ضوئي برهةً
يا نورَ فتنته
المواقد منزلُ
كم كنت أفترشُ السلام وها أنا
حربٌ
بعِهن أُوَارِها أتزمَّل
بعضي يشقُّ البحر وهو مغاضبٌ
والبعض يغرق
في دجاه ويثملُ
وأنا نساءُ الأرض مُتْنَ وما درَى
قبرٌ بعمر الموت
وهو يُؤجَّل
عبثاً أدسُّ الحلم طفلاً في دمِي
يلهُو بما صنعتْ يداه
ويُهملُ
وأخيطُ في عِزِّ السُّقوط هشاشَتي
ثوباً يُفصِّله العلوُّ المُذهل
ما كلُّ ما دكَّ الجبالَ وضاءةٌ
تذوِي
إذا جنَّ الكلام الأجمل
**************
كسِّر مرَائيكَ القديمة
وارتفعْ لترَى
ولا تقبلْ بغير النور يهطلُ من مدارِك
أسكبْ على خطِّ استواء القلب
غُربةَ صمتكَ اللُّجي
واحلُم حين تُحرَم من هوائك
قد تستفيقُ بحلمكَ الغيماتُ
فاغمس في جداولِ ضوئها
ما فاض من ألمٍ يغرد في دعائك
**************
يا الله تسبقنِي الطريق
تعيدني لخطايَ
للبدء المُرابط في غدِي
للظى احتراقِي الأول
لصدى سؤالي المُهمَل
لأنين من ماتُوا
وعادوا كي يموتوا مرَّة أخرى وعينُ الكون توشك أن تضيق
جزرٌ ومدٌّ ثم نرجع من دروب الانتهاء
كُلُّ النهايات ابتداء
ومصبُّ حيرتنا يعود لنبعه
لندورَ
نعتنق السؤال ولا نرَى
يا رب جِد لي منفذاً حتى أرانِي حين تنفتحُ السماء..
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة