الشخصية الكاريزمية .. الرسول الأكرم (ص) نموذجًا

23 أكتوبر 2021
الشخصية الكاريزمية .. الرسول الأكرم (ص) نموذجًا

حسين أحمد آل درويش      

لا شك  أن  – الكاريزمية   – ارتبطت في عقول الكثيرين من الناس ، بشخصيات مرموقة ومشهورة على الإطلاق   في المجتمعات الإنسانية  ” كالشخصيات التاريخية والدينية والسياسية وغيرها ” وأنقى وأفضل صورها تتجلّى         في  شخصيات الأنبياء والأئمة الأطهار  ( عليهم أفضل الصلاة والسلام ) فالكاريزمية هي  القدرة  في التأثير على قلوب الناس وإثارة فضولهم وتحريك عقولهم وتفكيرهم .. وتتمثل الكاريزمية كذلك في القدرة على استغلال الفرص المتاحة   و المناسبة حتى ولو في الظروف الصعبة والقاسية ، واستثمار كافة القدرات والكفاءات الموجودة ،  لتعطي انطباعات قوية ومؤثرة للغاية ، تاركة بصماتها وانجازاتها العملية والعلمية محفوظة وشاهدة على مر العصور  .

والكاريزمية النقية الطاهرة والتي تظهر فيها درجات تأثير الشخصية على الآخرين ، والتي بتعزيزها وتمكينها      تستطيع  أن تخلق لنفسها هالة كاريزمية غير طبيعية  على  الإطلاق ، تحيط بشخصيات الآخرين  وتؤثر بهم  .

ولـنا في رسول الله (ص) أسوة حسنة من خلال تعامله مع الناس وخاصة أعدائه وخصومه ، إذ تكشف لنا مواقفه الإنسانية الشامخة  التي جسدها (ص) على الواقع العملي . 

يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: { لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ  لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا  } (1). 

 ويخاطب الله رسوله  (ص)  في القرآن الكريم بقوله عز من قائل : { فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على الله إن الله يحب  المتوكّلين} (2) .

 لقد آذى المشركون  رسول الله (ص) بشتى أنواع الأذية وحاولوا – دائمًا – تشويه سمعته وتحطيم مكانته الشريفة مع كل هذا تحملها في سبيل الله تعالى صابرًا محتسبًا ، وكان من التّهم التي أثارها المشركون على رسول الله (ص) ، لينفروا الناس عنه ، أن رموه بالجنون ، وأنه أصابه مسّ من الجن ،  فما يدعيه من الرسالة والنبوة  هو نتيجة اختلال عقلي ونفسي والعياذ بالله .. يقول الله تعالى في كتابه العزيز : ويقولون إنه  لمجنون * وما هو إلا ذكرٌ للعالمين } (3).

لقد تعامل رسول الله (ص) بحكمة ودراية ، وبنفس طويل ، وصبر عميق ، ومارس معهم سياسة الاحتواء والاستيعاب  ، وعدم اللجوء إلى القوة والقمع ، رغم استفزازهم وجرائمهم ، فلم يتعامل معهم كأعداء محاربين ، ولم يقتل منهم أحدًا ، ولم يسجن أحدًا ، ولم يجلد أحدًا ، ولم يطرد أحدًا ، ولم يصادر أيّ حقٍ من حقوقهم المدنية ..وخاصةً مع أولئك الذين ينتمون إلى طبقة الأثرياء والنافذين ، وكانوا    من ذوي الثروة والنفوذ ، أو الطامحين للزعامة والسيطرة بالقوة سواء بالمال أو بالسلاح ، والذين لم تلين قلوبهم إطلاقًا وأبدًا للإسلام المحمدي الأصيل .

لكن ما يثير الدهشة والاستغراب هو سعة صدر رسول الله (ص) وحلمه ، وعظيم احتماله وصبره ،      لكل إساءاتهم الخطيرة ، وممارساتهم العدوانية والإرهـابية . 

كان رسول الله (ص) يبذل لهم الإحسان ، ويحوطهم بمداراته ، ويشملهم بكريم أخلاقه العالية ، ويحتويهم ويستوعبهم  في دولته المباركة ، ويضمّهم بكلّ رحمةٍ ورأفة ٍوقلبٍ كبير ، لقد أذعن واعترف به الصديق والعدو معًا بذلك . فكان أسوة  في  الصدق والأمانة حتى لُقّب بالصادق الأمين ، فقد آمن به الكثير  من الناس تأثرًا بأخلاقه العظيمة ، فكانت أخلاقه (ص) من أهم الركائز والمبادئ الأساسية التي قامت عليها حركته الرسالية وانطلقت نحو الإنجاز العظيم .. وكما وصفه الله تعالى في كتابه العزيز : وإنّك لعلى خُلقٍ عظيم ٍ} (4).

ولقد اختار  أحد الكتّاب الغربيين في كتابه ( الخالدون المائة ) الرسول الأعظم (ص) في المرتبة الأولى     من عظماء التاريخ البشري ، كما واعتبره أعظم شخصية في تاريخ العالم ، بما حققه من نجاح عظيم      في إبلاغ رسالته ، وتأسيسه لدولة إسلامية كبيرة  .. يقول الدكتور ( مايكل هارت ) أستاذ الرياضيات والقانون والفلك والفيزياء في الجامعات الأمريكية وخبير هيئة الفضاء الأمريكية : ” لقد اخترت محمدًا أول هذه القائمة ، ولابد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار ومعهم حق في ذلك ، ولكن محمد هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي ، وهو قد دعا  إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات وأصبح قائدًا سـياسيًا وعسكريًا ودينيًا وبعد ( 13 قرنًا ) من وفـاته ، فإنّ  أثـر  محـمـد ( ص) ما يـزال قـويًـا متـجـددًا  “ (5).

______________________

الهوامش  والمصادر :

  1. سـورة الأحزاب  ،الآية الكريمة : ( 21)  .
  2. ســـورة آل عمران ،الآية الكريمة :  (159) .
  3. ســـورة الـقـلم ، الآية الكريمة  : (52-51) .
  4. ســـورة الـقــلم ، الآية الكـريمة  : (  4 )  .
  5. ولأول مرة في تاريخ العـالم  : ( ج1 ص 8 , المقدمة ) .
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com