أسماء خيدر شاعرة مغربية..تمرُّ على الذين وُلدوا من حنجرة الصمت

6 نوفمبر 2021
أسماء خيدر شاعرة مغربية..تمرُّ على الذين وُلدوا من حنجرة الصمت

قصيدتان: أنفاس بعد الغسق وشرود

أسماء خيدر

اسماء خيدر

شاعرة من المغرب

أنفاس بعد الغسق

ومشى الليلُ، على أقدام الحيرة

يدق أبواب المساء، يشق صدر السماء

يتحسس طريقه، فيرمي حباله

على ضوء، يزحف عن أرضه…

ليلفظ أنفاسه الأخيرة، قبل الغسق.

بعباءته المرصعة، يلقي تحية بكماء،

على العابرين… والمنتظرين على

شرفات المصير.

يسلم، على من ولدوا من حنجرة

الصمت…
ينحني، إلى من يعدون نجومه….

ويمضغون الوقت، فيخطئون العد.

تراهم، يتأهبون قدومه…

يسكبون العمر في الأقداح

ويشربونه في ثانية.

يتمايلون بخطى هادئة، ليصبحوا

بلا ذاكرة .

يقف، مندهشا… أمام من يقطرون

غيمة في فم البحر

ليتطهر من ملحه…لكن، دون فائدة.

وانتظرته بثوب أبيض، عله يراني

ويتذكر موعده.

كنت قد اخترت ظلال الشوق، مكانا

فرشت الأرض، بشقائق النعمان

وكانت، بيني وبينه أغنية.

أوراقي عارية، تتنهد… يغمرها القلق.

كلمات، تنفجر في وجه العواطف

فأمسح دموعها.. بشراشف من ورق.

وهذه الحروف، مزقها الأرق.

مداد ألم… ينزف على البياض

وأفكاري الجميلة، تخشى الغرق.

ضائعة… كالبقية، بين أحشاء الزمن

أخيط سترة لهذا العراء، من صوف

الضباب، كلما أزلت مساحيق الوقت.

أوزع المرايا، على من ركبوا ظهر

الملاك، وتنكروا للأرض

غابوا… وما عادوا

من يتوضؤون من رضاب الغزالات

ويرسمون على البحر، حلم الأموات.

وهذه الشوارع مزدحمة بالأوهام

فتنكسر أجنحة الفراشات، وتهاجر

العنادل، خلف الجبال.

تبكي النايات… ويسمع نحيب التلال

كلما تدحرجت صخرة العقاب.

ويخرج النور… من ثغر فجر جديد

فتدب الحياة،

كلما عزفت أنامل المطر..

تشهق الأرض

ينمو العشب

ويزرع في الروح نشيد الأمل.

شرود

كغيري، من الأحياء المتشبثين

بتلابيب الحياة.

أفرك عيني الناعستين، وأنا أزيح

ستار الوقت، ليتسلل نور الفجر

إلى جسدي المتعب.

شريدا، أبحث في جيوب الغرفة

عن مفتاح ضيعته، حين خبأته.

وحتى يصفو ذهني قليلا

جلست، لأرتب أحلام الأمس

وأنا أحتسي، خيبتي على مهل.

كُلَّما، تذكرت حلما وديعا…

إلاَّ وحلق عاليا، ليتركني والكوابيس

وجهًا لوجه.

فأبدع في الخيال، لأسترد ابتسامة

سرقت منِّي سهوا…

فحجبتها أشرعة الظلام.

ضعت، كمفتاحي المفقود

بين حلم ألاحقه، وخيال أرسمه

وهذه الحقيقة المتلونة.

في بحر السُّؤال…

يصفعني الموج، بأياد من ماء

فلا أرى، إلاَّ غبار معركة في بدايتها.

أفرك عيني ثانية..

لأمسك خيط الأمل

أغمس سبابتي، في فنجان شاي

لأمزج، حروفا غاضبة…

فأنتبه للزوبعة

أضعه جانبا، كي لا أشهد المجزرة.

تمليت جسدي

أمام مرآة مكسورة القلب

فنزفت حسرة…

ورأيت غدي، يركض مسرعا

هو لا يتوقف… وأنا كذلك.

سماء الخريف ذابلة، كأن بها مرضا

وهذه الغيوم

حبلى، بدموع الإشتياق.

تنهدت والسَّماء

فبكينا على أرض، خانتها الفصول

الآن
يحتضنني سرير، ترتعش وسائده

أنتظر، أحلاما جديدة

لتسافر بي، دون جواز سفر

حتى لاتصدأ الروح…

ويكبر هذا الوجع.

القصيدتان خاصتان لصحيفة قريش –  ملحق ثقافات وآداب – لندن

التعليقات تعليق واحد

عذراً التعليقات مغلقة

  • كمال 7 نوفمبر 2021 - 7:06

    تألق راقي وجميل بكلمات من ذهب
    ذالك التألق الوفي والبهي
    دام الفخر والركح الوارف
    ألف مبروك تهانينا

الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com