سعاد اشوخي
المغرب
ستُسافرين في المساء الحزين وحدكِ
أرضٌ تَلتهِم بعضها بعضا
لكن،
لا نهايةَ
لا شيء يوحي بالوصول القريب.
كانت الشمس تتوضَّأ للمَغِيبِ،
استعجلتُ الرحيلَ
فلم أسأله:
متى الوصولُ؟
**
يؤرِّقني سؤالُهم:
مـــاذا بعـــــــــــــــــدُ؟
تجتاحُني رغبةٌ في البكاء
أسأل السماءَ:
متى ستمطرين؟
أريد مطرا
يَغسلُني من وجعي
مطرًا
يُنبت لهم إجابات خضراءَ
وسطورا
من الزَّهر الملون على امتداد ما يـَـرون
ووديانا
من السُّلاف الأحمر تُنسيهم
ماذا بعدُ؟
**
ماذا بعد؟
تسكُنني
والسَّماء لم تُمطر بعد !
حافلةٌ متوجهةٌ نحو الشَّرق
أخذتنـــــــــــي
عادت بي حيثُ الأسئلةُ في العيون
سلسلة لا تنـــتَهي.
البقاءُ مرُّ .. والرَّحيل مر
مُرّان.. والرُّوح بينهما
في شدٍّ وجَذْب
**
يقول العصفورُ الوديعُ في القفص المنسيّ:
خُذي جناحَيَّ واطوِ السماءَ
من فوقُ
ستَرينَهم على حقيقَتِهم
هم لا يريدون معرفةَ ماذا بعدُ؟
ولنْ تسرَّهم معرفةُ مــاذا بعدُ؟
يرشُّون الملحَ على الجرح بالسُّؤال
ثم يشاركونك البكاء
ليأخذوا صورةَ “سِيلفي”
وترسَل إلى العالم تحت عنوان:
“لمسة من الإنسانية والحنان”
مثل كلِّ التَّافهين يبحثُون عن “البوز”
يصنعون من جُرح الفقراءِ والمساكين والمحبِّين سُلَّما للشُّهرة
كالسِّياسِين
**
بعد الوصُول الأخِير
لم أُفرغْ حقائبِي
تركتُها جاهزةً لأي طارئ
لأيّ إشعارٍ جديدٍ بالرَّحيل..
قبلَ السَّفر الأخيرِ
قلت للعصفورِ المنسيّ:
قد أغيبُ ليومٍ لشهرٍ أو أكثرَ
إذا لم تتجمَّل بالصبرِ
لا تُكلِّف نفسَك عناءَ الانتظار
الباب مفتوحٌ
سينبتُ لك جناحَان
لك أن تَنطلِق.. حلِّق بقوة
كمن تعلّم الدرس قلت له:
لا تًعطهم فرصةَ النَّبشِ في الماضي
والبحث عن جرح ليرشُّوا عليه الملح
ومن ثَّمَّ
يشاركُونَك البكاءَ بدموع التَّماسيح
ويسألونَك بعدها: ماذا بعدُ؟
**
أنا لن أعودَ ليسألوا ولا
ليرشُّوا المزيدَ من الملح
أخذتُ نصيبي من الجُرح.. من الألمِ.. من البكاء..
من النِّسيان.. من الحرمانِ.. من الحنين..
سأسافرُ حيثُ الرجوعُ كالحلم البَعيد
فلا شيء بعدَ القمر يُغري بالبقاء
لا شيء بعده يستحقُّ أن يكون بعد
فلا تسألوني: ماذا بعدُ؟
عذراً التعليقات مغلقة