الطيب محمد جاده
أنعكس الفشل السياسي بشكل عام في السودان على الأحزاب ، إذ اتسم أداؤها بالرداءة مما أفضى هذا الفشل الي سيطرة العسكر في مقاليد الحكم ، فرّطت الأحزاب السياسية بمواقعها كقوى سياسية وطنية تدفع بالمسار السياسي قُدمًا لإقامة دولة مدنية ، وتحولّت إلى طرف شريك للعسكر ، حيث تباينت أدوارها في سرقت الثورات ، والاعتماد الي الغرب ، ولهذا الدور المشوّه للأحزاب تداعيات ستترك أثرها على مستقبل السودان .
أدى ضعف وتصدّع الاحزاب على وجه التحديد إلى تغيُّير مكانة هذه الأحزاب في المجال العام ، ومع تراجع نفوذها السياسي، أصبحت قواعدها القليلة تريد كسب ود الشارع رغم انخراطها في التظاهرات سواءٌ بدافع التغيير الحقيقي أو دعمها للحكومة الانقلاب أو احتكام منظماتها الحزبية لسلطات الأمر الواقع، إلا أنها ظلت ضعيفة في ميزان القوى السياسية والعسكرية في السودان .
تمثّل الاحزاب السياسية مثالًا حيويًّا لما حلّ في السودان ، إذ أسفرت سلسلة اخطائها السياسية على مدى سنوات فضلًا عن التموضع السياسي الخاطئ بما في ذلك مشاركتها للعسكر في بداية الفترة الانتقالية ، لأنها تضع مصلحتها قبل أي اعتبارات أخرى ، مما ادي الي فقدانها شريحة كبيرة جدا من الشعب حيث تجاوزها الشباب .
يتضح هذا النكوص الأخلاقي للأحزاب أكثر عند مقارنته بإرثها التاريخي ، دائما تجد تركيزها على الانكفاء في مربع الأمان السياسي مقابل حصول بعض قياداتها على مناصب في مؤسسات الدولة .
مثّل هذا التردد السياسي خيبة أمل كبيرة لمعظم الأحزاب ، والأهم من ذلك، فشل الاحزاب تمامًا في بلورة خيارات تقود السودانيين خارج مربعات الثنائيات المتصارعة، ويؤمّن بديلًا لأنماط الصراع الحالي. وبدلًا من ذلك، انزلقت الاحزاب نحو الفشل المميت الذي ينهي وجودها في المستقبل القريب .
عندما يتابع كل أنسان له ضمير حي تجاه هذا الوطن سوف تدمع عيناه ويتحسر قلبه ، الوطن اليوم أصبح مجرة أسم ينطق عند الأحزاب الفاشلة ، فأحزاب هذه الدولة التي تسمي السودان باعوا شرفهم وتخلوا عن وطنتيهم بمليء إرادتهم مقابل المال والمناصب ويخدعون الشعب بندوات لا تعود عليه بالفائدة بينما هي بمثابة عار وخسارة ودمار على السودان بأكمله .
إن هذه الاحزاب لا تتوفر الديمقراطية في هياكلها ، وهي ضعيفة إنه لشيء مخزي ومؤلم أن يتم تدمير السودان أمام عينيك ولا تستطيع أنقاذه ، السودان اليوم في أسوأ حالاته أنتهي كل شيء في الدولة حتى القيم والأخلاق التي كنا نتباها بها بين الأمم ، هذا التحليل لا ينكره إلا الذي في قلبه مرض أو من يريد نيل رضا هذه الأحزاب الفاشلة ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بعد أن سرقت الثورة وضاع السودان مازال المنافقون يرقصون على جثة الوطن ويكذبون ، يتصارعون كالذئاب في جسد الوطن الميت لينهشوا ما تبقي فيه من لحم والخلاص من شرفاء هذا الوطن يسعون جاهدين لاستكمال مهمتهم في عملية تشيع الدولة السودانية وتغييب الغالبية العظمى من الشعب ، الذين يساقوا إلى حتفهم كالماشية التي تساق إلى سكين الجزار .
الديمقراطية لا تصلح لمجتمع اغلبه مغيب عن الحقيقة لأن أغلبية من الاحزاب الفاشلة ستحدد مصيرك وطريق حياتـك ، فنحن شعب نصنع الطغاة ونركع للجلادين لكن منهم نشتكي نطيع كل من بحضن الإمارات يرتمي وبأموال الوطن والشعب السوداني يغتني نصيح مغلوبون على أمرنا ونعوي بأننا شعب مبتلي مخدوعون منذ أن حلت علينا الاحزاب الفاشلة ، لا تستغربوا ففي بلدنا السودان الأعمى والبصير يستوي نحن شعب لا يختشي .
لو كنا نختشي لما ضحكوا علينا بشعارات الحرية ، لو كنا نختشي لما رضينا بمسلسل المهازل الوهمية ، اللصوص يتصارعون على الكراسي والثمن ضياع الوطن .
كل المؤشرات تقودنا إلى حقيقة مفادها: إن الاحزاب السياسية لا تختلف كثيرا عن النظام الذي تم إسقاطه ، فكل الاحزاب لم تخرج من هذه الحقيقة على الإطلاق ، وما تم إسقاطه هو سلطة عمر البشير واستبدالها بسلطة اللجنة الأمنية .
ثمّ ماذا بعد ذلك؟ لقد تجسّد فشل هذه الاحزاب في شعارات ومسرحياته مضحكة، تجسّد كلها في حفرة لا تختلف كثيرًا عن حزب المؤتمر الوطني . هل ثمّة عبرة تلوّح في الأفق توعظ المنتشين بسكر السلطة؟ لا أعتقد! فمن يضع نفسه في خانة الاستثناء لا ينفع معه سوى مكر التاريخ، وتلك الأيام نداولها بين الناس .
عذراً التعليقات مغلقة