شطحات الدراويش.. قصة قصيرة للكاتب المغربي رشيد سكري

11 ديسمبر 2021
شطحات الدراويش.. قصة قصيرة للكاتب المغربي رشيد سكري

 قصة قصيرة 

                                     شطحات الدراويش 

                                                                                   

رشيد سكري 

قاص من المغرب

   يكفيني مع هذا الرسم أن تستدير و تدور مثل خذروف في يد الصبايا . وكان هرجهم ومرجهم يملأ المكان ؛ فيظهر لك أثر على لوحة مجهولة النسب والمصدر .

أن تباعد بين حرف وآخر ، أو أن تجعل من كوشات ألوان إيقاعا تتناغم فيه أصواتا ، وتتصادى بعيدا بين الظل والماء .. في هذا المرسم الكائن في شارع ليوطي عند الانعطافة العظمى المطلة على إقامة ماري دي بيريز، وجدنا ، أنا وهو ، المرأة التي نبحث عنها .

جنون و أناقة … 

هكذا مليئة ببهاء … وجمالها يعج بفراغات كخط عربي قديم . وجهها تتوسطه شامة عسلية كغرة فرس لاغب ، ألغبته فلاة وفياف . نادلها رجل عجوز أشمط الشعر يرتدي قفازات بيضاء . رفع عينيه ، في اتجاهنا ، يعلوهما حاجبين كثيفين . وقال :

       ـ أي خدمة ساداتي الأعزاء ؟  

أجابه صاحبي ، بصوت خفيظ 

      ـ  رسامون ، سيدي ، نبحث عن لوحة تضارع جوكاندا دفينتشي 

تبسم على ثنيتين فضيتين ، و أخد يخطو إلى الوراء وعبراته حسام وجد لا يخطئ بها صاحبته . رفع قبعته عاليا ، ودار حول جسده المهزوز في رقصة الدراويش… وانحى كراقص البالي إجلالا لهذا الثغر المبسام .  

  على السجاد المزخرف ، تناثرت حبات اللؤلؤ بدوائر تضيق على شكل بتلات داخل نجوم سداسية … أرخت المرأة رجليها البضتين على المصطبة ؛ فارتفع فستان أليغرا الفاتن إلى الأعلى من ركبتيها … فتسارع نادلها إلى خفضه ، وابتسامته لم تبرح وجهه المدور الداكن.

هزت كتفيها إلى الأعلى قليلا ، فاستدارت بوجهها نحو زخارف هندسية مشنوقة على جدار فسيفسائية … 

ـ ها هي لقطة العمر … إنها السعادة ,وأنت تباشر رسما في مرسم تعبت من أجله أياما وليالي…

ابتسمي … سيدتي …

ابتسمت ، فكانت لوحة شديدة التناسق و التوافق .  

القصة خاصة لصحيفة قريش -ملحق ثقافات وآداب -لندن   

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com