الطيب جاده
الكل يعلم علم اليقين أن الأمن والأمان هما أساس الاستقرار والرفاهية ، انعدام عنصر الأمن يجل الدولة في حالة فوضى القوي يأكل الضعيف ، ولن تأتي الاستثمارات من الخارج في ظل الإنفلات الأمني ، من اجل التغيير والعدالة الاجتماعية وبدء نهضة واستقرار حقيقي لأمن السودان وعودة الامان للمواطن الذى ظل يحكم بطريقه لا تليق به من قبل المليشيات ، لابد من إخراج كل المليشيات من المدن السكنية ، وإسقاط الانقلاب بأكمله .
دخل السودان في دوامة الفوضى التي جاء بها الانقلابيون ، إذ شكل انقلابهم حالة من التأزم السياسي والانفلات الأمني ، إضافة إلي فرض واقع يعمد إلي تفكيك الدولة ، لتكون بلا سلطة حقيقة تتقاسمها المليشيات .
دخل السودان في مرحلة خطيرة جداً ، حيث تزيد الخطورة يوماً بعد يوم ، لأن الانقلابيين يمارسون سياسة الكذب والتضليل والغطرسة ، اين يتوجه السودانيون وماذا بوسعهم ان يفعلوا بعد ما ابتلوا بساسة ليس لهم ضمير ، هدفهم الأول والأخير هو الكرسي ، حتي أصبح الوضع في قبل العاصمة الخرطوم غير آمن ، أصبحنا امام منعطف خطير وموقف لا نحسد عليه ولكن لن يزيدنا الا اصراراً وتحدياً .
يبدو أن هذا الوضع يسير نحو الهاوية ويتجه من سيئ إلى أسوأ ، من الواضح أنه بعد سقوط البشير ، قامت اللجنة الأمنية بمشاركة مجموعة من المتسلقين بتشكيل حكومة ، ولكن سرعان ما حصل الطلاق وانقلبت عليهم اللجنة الأمنية مما نتج عنه فراغ سياسى ، حيث تدهورت الأوضاع المعيشية ، وانفرط عقد الأمن والأمان وأطلَّت نذر الحرب الأهلية التي ربما تقودنا إلي نهاية الدولة السودانية لا سمح الله .
من سوء حظ السودان أن هناك صراعاً دولياً وإقليمياً على تحديد مصيره ، فهناك قوى تسعى لتعزيز نفوذها داخل السودان ، وكل طرف من هذه الأطراف المتصارعة يحاول جعل السودان ساحة لتصفية الحسابات ، مما يزيد التوتر داخل الدولة السودانية الملتهبة . الدواء الناجع لداء السودان هو عدم الاتكال للخارج لحل مشاكلنا ، على السودانيون أن يدركوا أن بوسعهم حل جميع خلافاتهم دون تدخل اي طرف دولي .
الانقلابيون انزلقوا الى الطريق الاعوج والخطير بدون شك ، واصبحوا يتخبطون فمنهم من ذهب إلي روسيا كما فعل بشيرهم من قبل ، هؤلاء الانقلابيون يمثلون أسوأ صفحة سوداء في تاريخ السودان ، حيث أصبح السودان غارقاً في الازمات والمشاكل وخاوياً بالإفلاس المالي . انتفض الشعب السوداني ضد نظام السفاح عمر البشير وقد نجحت ثورته بإسقاط رأس النظام البشير ونائبه ابن عوف وهذا يعد انجاز لم يحصل في التاريخ اسقاط رئيسين في خلال ثماني واربعين ساعة ،
الثورة على نظام الانقاذ جاءت للقضاء علي الفساد والمحسوبية والقتل والتشريد والانتهاكات التي استمرت ثلاثين عام . ويبدو أن معطيات الواقع الجديد التي تشهده الساحة السياسية يكتنفه الغموض بخصوص تشكيل حكومة الانقلابين ، هذا الغموض يرجع الي عدم قدرتهم إلي تشكيل حكومة ترضي طموحات الشعب . لقد كتبت كثير عن هذا الوضع ولكن لا حياة لمن تنادي ، حيث عاد الوضع إلى المربع الاول .
يرتبط الواقع السياسي الراهن في السودان تاريخياً بخارطة خلافات تعود إلى زمن بعيد ، والتي شهدت انشقاقات كثيرة بين الكتل السياسية المعارضة ان كانت احزاب او حركات مسلحة وهذه الخلافات والانشقاقات هي التي اضعفت العمل المعارض وساهمت في تحكم العسكر علي المشهد ، في ظل تمسك الانقلابيين بالحكم ، فإن السودان سيواجه أزمات أعمق وسيناريوهات أكثر سوءا من ضمنها العقوبات والعزلة الدولية مرة أخرى .
عذراً التعليقات مغلقة