محمد مهدي الشكري
يعد شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم، شخصية جمعت مميزات عديدة، جزء منها ساقتها الاقدار، وجزء منها جاء عبر نضال وكفاح وديمومة ثبات، تجاه حالة تأسيسية لوضع سياسي واجتماعي جديد، كان يخطط السيد الحكيم لتأصيله في بيئة المجتمع العراقي الشيعي، باعتباره حلقة من سلسلة مهمة تعاضدت احداث تاريخية كثيرة على خلقها، منها نهضات التنوير التي حصلت في الدول والمجتمعات العربية والاسلامية، ومشاريع التغريب وزرع الثقافات الدخيلة تحت مسمى التنوير، يضاف لها ارهاصات التأسيس للحركات الاسلامية المضادة للتغريب.
جاءت حركة التشيع في الرد على العدوان الانكليزي ابان احتلاله للعراق، وتبني مرجعية النجف الاشرف في عشرينات القرن الماضي، كبدايات تأسيسية لوعي اسلامي شيعي سياسي حركي، كان يراد له ان يؤصل لحالة مقاومة المحتل الغربي الاستعماري (ظاهرا)، ومن جانب آخر الاعتزاز بالاسلام والتشيع كهوية (مضمونا) ومحاولة ترسيخها كحراك اجتماعي، يرتدي ثوب النضال السياسي.
تراكم الحدث الحركي التوعوي (السياسي الاسلامي بشكل عام، والسياسي الشيعي بشكل خاص)، قاد الى محاولة اعادة هيكلة الدور الحوزوي، ليكون اكثر تمايزا في دوره (الاطاري المنكفأ) الى الدور الذي بات يتفاعل بشكل اقوى واكثر بروزا بملامح اكثر وضوحا.
ضمن نفس النسق، جاء الحراك السياسي الاسلامي في ايران.. تجسيداً لمرحلة نضج متقدم جدا، وبدأت الثورات الاسلامية والشيعية (الاجتماعية منها والحركية)، تظهر ملامح واضحة لحالة وعي شيعي وجودي متقدم (وعي بالذات).
كان بروز السيد محمد باقر الحكيم، امرا طبيعيا ضمن اطر هذا التسلسل الحدثي التطوري، فكان اعتياديا ان يكون له موقع ريادي في هذا الحراك، ليكون حالة مكملة لمشروع كبير بدأه من كان قبله، واستمر هو به باطار من الكفاح والنضال الدبلوماسي الاقليمي والعالمي من جهة، والمسلح داخليا مع نظام مجرم العصر وطاغية البعث من جهة اخرى.
النجاح في بقاء الشهيد محمد باقر الحكيم، بعد كم المحاولات الكثيرة التي استخدمها جهاز اجرامي (البعث) مرة من اجل اغتياله جسديا، ومرة من اجل اغتياله اجتماعيا، ومرة من اجل تحقيق حالة انهيار معنوي ونفسي عنده بتصفية افراد اسرته من السادة الأجلاء، كل ذلك يؤكد بان دوره كان اكبر من مجرد مقاوم أو ثائر ضد طاغية، بل دوره كان يمثل دفعا الهيا برسم القدر ، تتيح له ان يكمل الجزء الاهم من مشروع تكامل اركان الوجود الشيعي، حيث كان يمثل (قدس) ابعادا تجاوزت اسمه البشري، بل تحول الى أنموذج اجتمعت فيه امتدادات عديدة، فهو بما يمثل من ثقله الاسري والحوزوي النجفي، كان يمثل بعدا مهما من ابعاد ذلك الوجود الشيعي المرجعي المهم؛ وقربه من السيد الخميني (رض) ومشروعه الاسلامي الشيعي الكبير، كان يمثل ايضا بعدا مهما ومحورا لهذا الاتجاه.
كما ان دوره الحثيث في التأصيل لفكرة التقريب بين المذاهب، ومحاولة خلق انموذج جهادي عابر للطائفية (وان كان تحت قيادة عمامة شيعية) خلق له وجودا محترما، داخل تلك الاوساط التي قد تكون مختلفة ومتقاطعة مع الوجود الشيعي المذهبي.
يضاف لذلك، تمثيله لشكل مهم من اشكال “الاداتية الدبلوماسية” التي اشتغلت على البعد العالمي، حققت للوجود الشيعي خروج من عنق الزجاجة المذهبية المخالفة، والتي مارست تعتيماً عالمياً او تشويهاً مذهبياً مقصوداً ضد الوجود الشيعي.
هذه الخصائص والمميزات التي توفرت لشهيد المحراب (رض)، لم تكن لتتوفر لشخصية اخرى، لولا تدخل اليد الالهية في صياغته وتكوينه وتوفيقه.
تبعا لما سبق فقد كانت عملية اغتياله، تمثل الحل الاخير (في نظر اعداء الاسلام والتشيع والانسانية) ليقضوا على مشروع مؤسسي عملاق، كان يراد له ان يعيد صياغة الهوية الشيعية العراقية، وتعشيقها مع الحالة الوطنية، لتحقيق ادوات نهضوية لهذا البلد، وابرازه كحالة أممية ينضج فيها وعيها لذاتها، ووعيها لدورها المفصلي الجيو- تاريخي- سياسي.
اغتيال السيد الحكيم كان يمثل ضربة قاصمة وقوية، وجهت لعموم الشعب العراقي وخصوص شيعته، والواعي والمتتبع النبه، سيكتشف ان ما مر من ويلات وقتل وفتن ومحن وآلام على العراقيين بعد عام ٢٠٠٣، ما كان لها ان تحصل بهذه القسوة، لو اتيح لمشروع الشهيد الحكيم ان يتحقق، ويرى النور.. لكنه قدر وما شاء فعل.
بعد اغتياله قمت بتاليف كراس عنه تناولت فيه لمحات من سيرته القيادية والهدف العدواني من وراء اغتياله وقمت بتسليم هذا الكراس او الكتيب الى مكتب ااسيد عبدالعزيز الحكيم ولم يساورني شك في انهم سيقومون بطبعه وكم كانت المفاجئة غريبة بالنسبة لي لم يقوموا بطبع الكتاب وقال لي صديق في المجلس الاعلى في حينه اسحب كتابك لن يطبعوه وان وافقوا على طبعه سيطبعونه باس شخص آخر لذلك سحبت الكتاب وطبعت منه على نفقتي الخاصة بحدود عشرين نسخة قمت في حينها بتوزيعها على مقرات الاحزاب في النجف الاشرف ومن هنا تهيا لي ان الاحزاب لاتهتم بقادتها بعد موتهم وعندما تستذكرهم ليس توقيرا واحتراما لهم وتخليدا لذكراهم وانما من اجل اهداف معينة تصب في مجرى مصلحة حزبه واهله وذويه
اولا :- بعد اغتياله قمت بتاليف كراس عنه تناولت فيه لمحات من سيرته القيادية والهدف العدواني من وراء اغتياله وقمت بتسليم هذا الكراس او الكتيب الى مكتب ااسيد عبدالعزيز الحكيم ولم يساورني شك في انهم سيقومون بطبعه وكم كانت المفاجئة غريبة بالنسبة لي لم يقوموا بطبع الكتاب وقال لي صديق في المجلس الاعلى في حينه اسحب كتابك لن يطبعوه وان وافقوا على طبعه سيطبعونه باس شخص آخر لذلك سحبت الكتاب وطبعت منه على نفقتي الخاصة بحدود عشرين نسخة قمت في حينها بتوزيعها على مقرات الاحزاب في النجف الاشرف ومن هنا تهيا لي ان الاحزاب لاتهتم بقادتها بعد موتهم وعندما تستذكرهم ليس توقيرا واحتراما لهم وتخليدا لذكراهم وانما من اجل اهداف معينة تصب في مجرى مصلحة حزبه واهله وذويه 0
ثانيا المجلس الاعلى الاسلامي وتيار الحكمة حزبان يمارسان العمل السياسي ضمن الساحة الجماهيرية العراقية وضمن التشكيلات الحكومية التي تعاقبت على حكم العراق بعد العام 2003م لماذا لم يتم استثمار المشرع النهضوي الذي صنعه واسس منطلاقاته الفكرية وابعاده التطبيقية محمد باقر الحكيم الذي تحدثت عنه في مقالتك هذه خصوصا وان الحزبين يداران على مستوى القيادة العليا فيهما من قبل اسرة آل الحكيم مثل ابن شقيقه عمار الحكيم وغيره وكذلك من قبل انصار لهم يدينون بالولاء المطلق لآل الحكيم مثل الدكتور همام حمودي واذا كان ها المشروع الوطني مشروع مهم من حيث الصياغة النظرية والاعداد العملي الفاعل على افتراض ان عمار الحكيم والدكتور همام حمودي قد تبنيا تفعيله شعبيا ورسميا لماذا خسرا تمثيلهم في الحكومة عبر الانتخابات الاخيرة ولم يعد لهما اي دور او تاثير في مجرى الحياة السياسية العراقية الحكومية والجماهيرية وكانت انتكاسة المجلس الاعلى الاسلامي وتيار الحكمة في تلك الانتخابات انتكاسة كبيرة وواسعة ادت الى تقويض اي دور لهما يستثماره ضمن الرئاسات الحكومية الثلاث 0
ثالثا “- قولك بان محمد باقر الحكيم كان يقود مقاومة مسلحة داخل العراق ضد نظام صدام كحسين هو محض هراء لم يكن يجرأ اي احد لا من داخل العراق ولا من خارجه انيشهر ولو موسى حلاقة بوجه نظام صدام فهو نظام قاس جدا ولولا قيام امريكا مع التحالف الدولي باسقاطه لبقي الى اليوم يحكمالعراق