كانط والخبز العربي.. رحموني عبدالكريم

16 مارس 2022
كانط والخبز العربي.. رحموني عبدالكريم

          الكتابة والإبداع …. كانط والخبز العربي.

الولع بالفلسفة الكانطية … لحظة الكتابة الإبداعية:

رحموني عبد الكريم

باحث من الجزائر  

كانط

   ينادي الإنسان المبدع الكتابة ويدعوها للوجود، وقد يمكن أن يضاف إلى ذلك أن الكتابة تدعو المبدع وتنتظر تجليه كي يظهر بكلماته ولغته؛يتكلم ،ينطق،تنبثق من وجدانه،فجبل المرء أصلا كمخلوق لاغ،يخاطب ويكتب ويرسل المعاني ويعبر، بيد أن اللغة حالة التكلم مع الذات المبدعة، إنها تلازم لغة الكاتب مع مظهر الكتابة الإبداعية.وعليه يعيش المبدع في عالم الكلام؛وقد يكتسي الكلام التعبير والبوح والانفعال أو التستر والكتمان، وبين هذا وذاك تنزع الذات المفكرة الواعية إلى تخريجه عن طريق كتابات ونصوص ومقالات مثيرة مشوقة للقراء؛ وفي التشويق تتجلى مقالة ” كانط والخبز العربي” تجليا،مؤسسة للذات المبدعة التي لا تريد أن تعيش بأفكارها لوحدها، بقدر ما تشارك الآخرين القراء،شغف الاطلاع وفضول المعرفة، ومحبة الفلسفة الكانطية، ” فالفلسفة بالمعنى الأول هي فلسفة حياة، والفلسفة بالمعنى الثاني هي فلسفة تجريد نظري”[1] .

 الكتابة الإبداعية للمقالة الفكرية مفتوحة للقراءة الواعية الناقدة، القادرة على إعادة إنتاجها وصياغتها صياغة تأويلية نقدية؛ ما دام النقد موقف فكري ووجهة نظر مكملة للحياة. 

   وفي سياق القراءة استرعى انتباهي مقالا فلسفيا نقديا كتب من طرف بصري محمد باحث من الجزائر، حول إيمانويل كانط الألماني والخبز العربي، نشر المقال في مجلة كوة المغربية التي تهتم بمواضيع الفكر والفلسفة، التربية والتعليم، الأدب والثقافة،الدراسات الإنسانية وعلومها. أسسها الأستاذ الباحث رشيد العلوي سنة 2017 فا لشكر موصول له على جعل هذا العمل الفكري يرتدي بطبيعته صفات الكتابة النقدية، والإحاطة بالإطارات الثقافية والنخب الفكرية المبدعة عبر الوطن العربي قاطبة.
والغريب في الأمر أن صاحب المقال جمع بين نقدية كانط الألماني والخبز العربي؛ هذا الجمع بين غذاء الجسم وغذاء الفكر ، جعل الأستاذ بصري يكشف عن دلالات رمزية في الفلسفة النقدية التوفيقية.
قد يتساءل دعاة الفكر والنقد: لماذا المزاوجة بين الخبز العربي وفلسفة كانط الألماني؟
كيف وفق كاتب المقال بين الفلسفة النقدية والخبزة العربية؟
“وفي سؤال كهذا بداية التفكير النقدي الحر”[2]

بدأ كاتب المقال موضوعه بوصف دقيق للمنطقة التي زرها بالجنوب الجزائري على وجه التحديد ولاية تيميمون، موحيا له سحر جمالها وبساتين نخلها باسقات لها طلع نضيد تجلي اللحظة الإبداعية؛ ومما زاد التجلي والإبداع الفكري ” زخات الندى الممزوجة برائحة خبز عربي دافئ”.

“إن قوة الأفكار الصالحة تنتشر إذا توافر لها عاملان، الأول: أن تكون هذه الأفكار علمية ومنطقية، والثاني: أن يكون المتلقون لها على درجة من الوعي.”[3]

وكاتب مقال ” كانط والخبز العربي ” ابرز العامل الأول المتجلي في: وعي الكتابة ووعي الآخر الملهم للكتابة، والعامل الثاني: ترك للقراء حرية النظر في منهجية كتابة الفلسفة النقدية.

بصري وولعه بكانط الألماني:

    لم أر قارئا، مبدعا ، متذوقا للتفكير التأملي الحر ، ولعا بالفلسفة النقدية الكانطية مثل الأستاذ محمد بصري، قد يتحاور معك في تاريخ الفلسفة ويناقش أفكارها مناقشة مستفيضة و ما ينفك البتة أن يرجع للكلام عن الفيلسوف إيمانويل كانط، وما يثير الانتباه غزارة اطلاعه وقوة حفظه ووفرة إلمامه بحيثيات الفلسفة التوفيقية الكانطية. 
  القراءة الواعية والإلمامة الوفيرة تجعل البصري ينادي كانط الألماني و يدعوه للبوح بالكلام، يستنطقه وينتظر تجلي إيمانويل بمشروعه الفلسفي الضخم رغم نحافة الجسم؛ تجلي التوفيق والتركيب بين الاتجاه العقلاني والاتجاه الحسي التجريبي ” الدافيدي الهيومي “.
حينئذ يبرز الأستاذ بصري شارحا لتجلي الكانطي، مبدعا لملكة المعرفة التي تعتمد على النشاط الذهني، ملكة الشعور بالجمال عند الإنسان، ملكة السلوك الأخلاقي الذي يعتمد على ملكة الإرادة الحرة.
وهكذا فإن فهم الفلسفة النقدية لا ينبغي أن يتوقف عند الحدين المتقابلين الأنا البصرية والغير الكانطية.هناك حد ثالث تستبين ضرورته، وهو الوعي بالفلسفة التوفيقية وتجلي حضور الكينونة عند أستاذنا بصري.

قائمة المراجع:

  1. زكي نجيب محمود: من زاوية فلسفية،دار الشروق، ط أولى 1979، القاهرة مصر. 
  2. زكي نجيب محمود: نافذة على فلسفة العصر،دار الكتاب العربي،ط 1990.

[1]   زكي نجيب محمود: من زاوية فلسفية، ص 08.

[2]  زكي نجيب محمود: من زاوية فلسفية، ص 06 .

[3]  زكي نجيب محمود: نافذة على فلسفة العصر ص 07.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com