الشايُ طقوسٌ ومع أهلِ الشعرِ يطيب الجلوس
رحموني عبد الكريم

باحث من الجزائر.
الشعرُ سحرٌ وأبياته أشد وقع والشاي سمر تعزف الكؤوس على الصينية طربا، وبين سحر الشعر وأنس الشاي يظهر الشاعر حيموري بوعزة بارزًا، يشق عباب بحر الكلمات ويم المفردات يذعنها للانصياع يشكل منها قصيدة عربية، عمودية، موزونة على بحور الشعر الجلية.
يا بحور الفراهيدي أقبلي، فالشاعر بوعزة يلقي تعاويذ ورقى الشعر على المتذوق المتلقي، يسحر بها الألباب ويخطف بها العقول، ويجعل القلب يرقص طربا، والفؤاد يَنتَشي لحروف الشعر المبنية انتشاءً، وينجذب نحو القصيدة ذات الأحكام الجمالية والأبعاد الأستطاقية، فإذا كان هربرت ريد: «عرّف الجمال بأنّهُ وَحْدةُ العلاقات الشّكليّة بين الأشياء التي تدركها حواسّنا »، في حين يعتقد هيجل، بأنّه ذلك « الجنّيُّ الأنيس الذي نصادفه في كلّ مكان»

فشعر بوعزة حيموري ليس وحدة العلاقات الشكلية بين الحروف في القصيدة العمودية فحسب، ولا الجنّيُّ الأنيس بل تعدى ذلك إلى ساحر في محراب معبد القصيدة العربية العمودية ليجعل منها حوزيقيال في محراب الحرف ينَتَشي به كل سقيم الفؤاد، عليل القلب، يشفى من الوجع؛ وجع عصر التكنولوجية والوسائط الاجتماعية التي غيبت جلسات السمر والمشاعر والأحاسيس، غيبت التفاعل والانفعال مع ما يقدمه المبدع من نص نثري أو شعري، قصة أو رواية، مقالة فكرية أو مسرحية، بل غيبت تلك المشاعر النبيلة ودفء العائلة الكريمة وأصبحت العواطف في ثلاجة شديدة البرودة ثم استبدلت بعواطف افتراضية في الفضاء الأزرق.

في مأدبة العشاء كان اللقاء مع الناقد والشاعر عبد الحفيظ بن جلولي، والكاتب، المفكر بصري محمد وشاعرنا بوعزة حيموري وصاحب المذهب السعيدي في الطرفة والإبداع وتطويع الكلمات وتشكيلها الأخ السعيد بن أحمد
والمتذوق للشعر، له دراية ببحور الشعر لدى قبيلة ذوي المنيع، الأخ نبيل نفاح.
لقاءنا تجرد من الهواتف النقالة، الحاملة للوسائط الاجتماعية، وتجرد من المشاعر الشديدة البرودة، بل كان الأنس في جلسة ممتعة، رائعة، شيقة، مصحوبة بالشاي فهو السيد، صاحب الجماعات، في غيابه لا تطيب الجلسات، وأن حل السيد كانت اللامات، وزاد السمر والأنس، وبرز الحوار والنقاش مفعما بالكلمات.
حال الشاعر بوعزة الذي يستنطق الحرف، ليجعل بقية الحروف تنصاع له بأبجديتها، لتهلل قصيدة عمودية باللغة العربية قلما نجد لها النظير في القصائد الأخرى.عرفت الشاعر حيموري عن طريق الكاتب بصري محمد، جمعنا ذات يوم لمأدبة عشاء بل مأدبة الفكر والشعر والانتشاء. الشاعر بوعزة مرهف الحس، قوي الشاعرية، كثير العبارة، غزير الكتابة، شديد الملكة الرمزية، يكتب بإسهاب ويرتجل الخطاب؛ وبين الإسهاب والخطاب تنثر الحروف درر وجواهر إبداعية، تعبر عن نزعتها الإنسانية التي تبلغ تحققها الأعلى في اللغة الرمزية، وهذا التحقق نجده جليا عند شاعرنا حيموري، شاعرنا الإنسان كذلك.
نحن نكلم أناسا، وبوعزة يكلم الحرف يطلبه حثيثا، يفكر داخله ويبتكر منه جواهر منسية بلغة رمزية، فكأنما خلق بوعزة حيموري ليكون شاعرا.
لقد أجدت و أفضت أستاذي الكريم عبد الكريم رحموني في التعريف و نقل صورة حقيقة عن القامة التي نتشرف بمناقشتها و الأخذ و الرد في كل أشعارها ألا وهو الشاعر حيموري بوعزة .