قصائد لاس فيغاس للشاعرة اللبنانية غادة نورالدين 

9 مايو 2022
قصائد لاس فيغاس للشاعرة اللبنانية غادة نورالدين 

قصائد لاس فيغاس 

غادة نورالدين

شاعرة  من لبنان مقيمة بأمريكا 

 (١)
صرت كل شيء…

مقعدٌ شاغرٌ تحت شجرة منسية يحملني إلى أفق الحكايات

كلما مرّت ريح حمّلتها وجهي

صرت الحكاية ووجوه المدن

صرت الحقيبة والرصيف

صرت غيمة تحبس مطرها

صرت أجنحة العصافير

صرت أضواء المدن

حقولها ومتاحفها

صرت طائرة ورقية

صرت الأيدي التي تلوح من بعيد

صرت كل شيء

إلا ما أردت أن أصير!

***

(٢)
لا لشيء…

لا لشيء

بل لأن حزنه العميق يُعدي

وهو لا يستطيع أن يسرق فرحها

لا لشيء

بل
لأنها أروع من القصيدة

وهو لا يستطيع أن يكتبها

وأنها أعذب من اللحن

وهو لا يستطيع أن يغنيها

وأنها أرقّ من بتلات الزّهر

وهو لا يستطيع أن يهديها وردة

وأنها أعلى من النجمة

وهو لا يستطيع أن يلمسها

لا لشيء

سرق الفرح، القصيدة، اللحن والوردة

ومضى نحو نجمة مطفأة!

***

(٣)
وجه الريح…

في الليل جاءت الرّيح

استبدَلَت معالم الحي حسب رغبتها

وزّعت كل ما يمكنها حمله على الجيران بغير عدل.

ماذا لو أنني لا أنام على وجهي دائما لأطفىء فتنة الكلام؟.

ماذا لو ان الرّيح استبدلت وجهي أيضا

واعطتني مثلاً

وجه جارنا  المتقاعد العائد من حروب كثيرة وعلى  وجهه انطبع أسى 

الموتى؟
هو نفسه الذي يحب مربي “الاكيدنيا” الذي لا استسيغ مذاقه.

ماذا لو

أخذت الريح وجهي واعطتني وجه جارنا الآخر المغرم بجمع السيارات 

القديمة كمن يجمع طوابع بريد لكنه يركنها في ساحة منزله بعشوائية مفرطة؟

وجهه الجميل الذي يشبه فيلما قديما!

ماذا لو حملت الريح وجهي إلى ضوضاء المدينة؟

ماذا لو حملته إلى البعيد المجهول وجهي الذي أنهكه الغياب؟

ذهبتُ إلى المرآة

نظرتُ إلى وجهي

وشكرتُ الريح!

  ***

(٤)
الأزرق الواسع…

حلمت بزرقة واسعة هذه الليلة

كانت صحراء تهتُ فيها

ثم كان البحر

على الشاطىء

سفينة مخروقة لا تُبحر

حطابون بسطاء يقطعون أخشابها ليحرقوا تيمة السفر

وكلما رأوا غصنا يابساً أحرقوه

يتحلقون حول النار يعلّمون صغارهم لغتها

كي يجنّبوهم الاحتراق خلف أبواب المنفى

كانت البلاد كلها تشتعل

وكنت إلى الأزرق الواسع أنظر

وأحلم بالسفر!

***

(٥)
أزهار الليليوم…

أستمع إلى موسيقى الجاز

وأظن أنها وُجدت لأجلي

أنظر الى السّماء

ثمة نجمة في العتمة

أظن أنها تُضيء لأجلى

المنزل القريب يتلألأ

تحرسه شجرة وحيدة

في الليل

أظنها تحرسه لأجلي

أجد بشارة طائر

على زجاج النافذة

ماذا أراد إخباري؟

أظنه تركها لأجلي

يُطرق باب البيت

أستلم باقة أزهار الليليوم

مرسلة من كاليفورنيا لأجلي

عطرها يلمس قلبي ويفيض 

لأجل لحظة فرح واحدة

أرسلتها ابنتي

كل ما حولنا يُبدّد الظلمة

حين من ضوء خفيّ

في داخلنا ننظر إلى الأشياء

حين لا شيء من أجلنا

وحين كل شيء!

***

(٦)
مرّة التَهَمَت شمساً…

يرعبني الكون

هذا الكوزموس المُنَظَّم

رغم غموضه الهائل

الكواكب تدور حول نفسها

ولا تتوه

الشمس والقمر لا يلتقيان

الريح لا تهدأ والفصول المتعاقبة

لا تُشَرِّد سوى الأرواح الشفيفة

بحكمة ناقصة

وفي اللحظات الكثيفة

أتركني للسؤال:

ما سرّها روحي؟

التي لا شيء يؤويها

لا شيء يملؤها، يُشبِعها،، يعجبها

ما سرّها التي

التهَمَت جميع أشعاري

كما تلتهم النار المتأجّجة كل ما حولها

بعدها أنكرت الشِّعر

ولم تشعر بالتخمة

التَهَمَت المدن البعيدة

طرقاتها، غيومها، ناسها، عصافيرها، أشجارها

صارت حديقة

ولم تُشفَ من غياب

مرّة التهَمَتْ شمساً

ثم أدمنت الشموس

كل صباح تلتهم شمسه

ثم تسأل عن الضوء!

التهَمَتْ البحر القريب

ثم عبرت الى

محيطات بعيدة

التَهَمَتها
وظلّت تحلم بزرقة مختلفة

التَهَمَت كل معاني الأمومة

صار لديها في كل مدينة أبهى الأبناء وأجملهم

صارت أمّ العالم

وظلّت تشعر بالوحدة

التَهَمَت عشاقها

وكل أساطير الحب

ثم نبذتها

ورغم ذلك ما زالت تؤمن بالحب

حين التَهَمَت

قلب رجل غامض

استيقظت في الصباح التالي

وعلى طرفي قلبها

ما يشبه الأجنحة

صارت طريق السماء قريبة

لكن حزنا أبديا سكنها

ولم تنتصر على الضجر

حين عرفت أنها نجمة

وأنه في مكان ما 

من هذا العالم الواسع

رجل بلا قلب

كلّما دنا الليل

يفتقد قلبه

الذي في  سماء بعيدة يشتعل !

***

(٧)
فوانيس…

خطواتي الطويلة

منحتني الأحلام

أحلامي لم تمنحني

أقلّ من الرحيل

الرحيل منحني الكلمات

كلماتي لم تمنحني

سوى التسكّع على عتبات المدن

بعيون الغياب

لكن عيوني

بقيت هناك

معلقة كالفوانيس

على أبواب اسلافي!

القصائد خاصة لصحيفة قريش –  ملحق ثقافات وآداب – لندن

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    الاخبار العاجلة
    WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com