الأنثى ذلك المخلوق الجميل، الرفق بالقوارير

رحموني عبدالكريم

كاتب من الجزائر

عندما نستعمل في لغتنا المعتادة كلمة ” أنثى ” أو مشتقاتها مثل الأنوثة، فذلك لأجل التعبير عن معاني الوضوح والظهور والجلاء؛ ففي الوضوح ذلك المخلوق الجميل الذي حاباه الرحمن بالحسن والبهاء، الجمال والسناء، وفي الظهور تشكل المرأة سلطة على الرجل في الحضور إن حضرت، كما تشكل تلك السلطة في الغياب إن غابت، وقد شهد التاريخ تلك السلطة في ظهور الأنثى إثناء الحضور، وفي الوضوح إثناء الغياب، وخير دليل أروى بنت منصور الحميري التي شكلت بأنوثتها الجذابة سلطة قوية على الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، وتجلت في حرمان الخليفة من تعدد الزوجات واتخاذ الجاريات حتى وفاتها سنة 146 هجرية،

وقد ذكر ابن الأبار أن المنصور عُذّب بهذا الشرط، ونظرا لكثرة بلاغتها والدهاء استطاعت أروى القيروانية تحاكم المنصور إلى أبي حنيفة في مسألة تعدد الزوجات فأي سلطة هذه التي حرمت الخليفة من التعدد،

كما شكلت فاطمة الزهراء رضي الله عنها سلطة على سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجه فلم يعدد الزوجات عنها، وفي العصر الحديث تزعمت مي زيادة ( 1886-1941 ) بجمالها الفتان وأنوثتها الجلية، سلطة قوية على المفكر عباس محمود العقاد فراح يبدع قصة جميلة في منتهى الإبداع الأدبي وسمت بسارة، فهي ترجمة صادقة لمشاعر العقاد إزاء مي زيادة، ونتيجة سلطتها كمخلوق جميل، حضر الصالون الأدبي العديد من الشعراء والأدباء، المفكرين والأغنياء أمثال: جبران خليل جبران، خليل مطران، إسماعيل صبري، منصور فهمي، أحمد لطفي السيد، مصطفى عبد الرازق، رشيد رضا، الدكتور يعقوب صروف، شبلي شميل، سلامة موسى وإسماعيل مظهر، مصطفى صادق الرافعي، طه حسين الأعمى الذي كان يتحسس جمالها ويتذوق عطرها.

والواقع أن كلمة أنثى ورقتها، جمالها وعطفها، نظرتها وطيبتها، جعلت حبيبنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم يقول:« رُوَيدَكَ يا أنجَشَةُ، لا تَكْسِرِ القَوَارِيرَ.» وقد جاء في سيرته العطرة أن أمنا الصديقة بنت الصديق أعدت له قصعة من الثريد، لكن حبيبنا أتى متأخرا لها، فقامت بسكب تلك القصعة على رأسه الشريف، فصبر المصطفى وقال غارت عائشة، أي رفقا بالقوارير مثل هذا.

رحموني عبد الكريم

كاتب من الجزائر.