كم شجرة تبكي على غيابي؟
سهام عمر
شاعرة سورية
رأسي يُحلّقُ بعيداً
هذه مشيئةُ الرّيح.
أُغْلِقُ النّوافذَ بمقبضِ قلبكَ
وأضمُّ قلقَ الأبواب الموصدة بقلبي؛
كي تبقى الأرائكُ بصحّةٍ جيّدة،
ويجلسَ ” كيوبيد” على أقدامنا
برفاهيّةٍ ناقصة، في عصرنا الصّاخب،
كدرّاجةٍ ناريّةٍ في وقتٍ متأخّر من دقائق الرّيف..
بينما، نحتفلُ بسقوطِ القمر الأخير:
نحنُ عشّاق المرايا المتكسّرةْ!
لتخرجَ الرجفةُ الرَّثَّةُ ..
كصوتِ العزاء،
من حياة سيّدةٍ صاخبة
إلى سرير رجلٍ هادئ.
لا أعرفُ كم من الوقت سميضي
حتّى أُدخِلَ خيطَ البكاء
في ثقبِ إبرةٍ ضائعةٍ تحتَ كومةٍ من المناديل الرّطبةِ،
والجرائد الحمراء …
أمّي التي خبزتْ لنا أرغفةً كثيرة
لم تنظّف يديها من سنابل أعمارنا.
ها هي السّماء تهيّئُ لها الغيمَ
وتتلّصصُ على حقولنا الميّتة
بعينينِ جائعتينْ ..
من أجل ذلك كلّه،
سدّد لي معروفاً
ولا تكبر يا حبيبي
لا تكبر.
كي أُضمِّدَ بأصابعكَ البريئةِ عتبةَ العالَمِ المُتقرِّحةْ
وأُقدّمَ له السّاقطينَ واحداً واحداً
قبلَ أنْ أرتفعَ تحتَ شُرفتكَ المطفأة
صفصافةً مزيّنةً بالدّموع،
والخفافيش المشتعلة …
منذُ أكثرَ من أثنا وعشرين شجرةً باكية على غيابي!.
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة