سجاد عبدالحق
في مطلع الثمانينات من القرن الماضي كان جزء من بغداد في جانب الرصافة مجرد منازل بدائية من دون خدمات صحية او مجاري والشوارع غير معبدة في اغلبها، ذلك الجزء كان اسمه مدينة الثورة. قامت حكومة البعث بعد تسلم صدام حسين رئاسة الجمهورية بالشروع بإعادة بناء هذه المدينة بما يجعلها تتوافق في وضعها العام مع بقية أجزاء بغداد بدرجات متفاوتة اقل. وجرى اناطة المهمة شبه المستحيلة الى عضو قيادة قطرية في البعث اسمه سمير عبدالوهاب الشيخلي، وهو من أبناء بغداد الاصلاء اباً عن جد، الذي عمل ليل نهار في متابعة اشغال الشركات التي شقت الطرق وبنت المرافق العامة والبلديات الخاصة بمدينة كبيرة تم تقسيمها الى قواطع نظامية تحت ترقيم واضح.
الشيخلي انجز المهمة بنجاح، وتولى بعدها بكل نزاهة وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ثم وزارة الداخلية.
يوم كانت الوزارة تعني وزارة وليس مكانا للصفقات القذرة والسمسرة المشرعة بعمائم السوء والدجل. ، حاشى العمائم النظيفة التي لم تتلوث مع هؤلاء .
اليوم الشيخلي مهاجر خارج بلده، لا يستطيع العودة في ظل نظام جديد أعاد مدينة الثورة التي حملت اسم مدينة صدام الى حالة من التخلف والفوضى وكأنها ارياف عشوائية بدائية، وجرى منحها اسم مدينة الصدر.
حين توفيت زوجة الشيخلي وهو وحيد في الخارج ، ليس لديه أي راتب تقاعدي وقامت الحكومات الموالية للولي الفقيه بمصادرة منزله السكني الخاص لعائلته، عانى الامرين من اجل الحصول على وثائق لإنجاز معاملة الوفاة والدفن، وهو لا يمتلك اية وثائق رسمية حديثة لأن الجالسين على عرش بغداد لا يستطيعون تذكر اسم شخص بنى بغداد وفنى حياته في خدمتها، كيف لا وهم الذين جاءوا كمقاولي تفليش كما وصفهم احدهم وهو محمود المشهداني رئيس البرلمان الأسبق .
لا احد يملك الحق في حرمان أي عراقي من وثائق عراقيته، وسيحاسب التاريخ كل الذين زنوا في عرض الوطن.
سيبقى سمير الشيخلي علامة مضيئة في سماء بغداد بين علامات عديدة شهدت على عصرها الذهبي، بالرغم من كل غربان الظلام الذين ينعقون في سمائها اليوم.
الحاقدون والطارئون والعملاء والخونة، واللصوص، والقتلة، والشواذ.. مصيرهم جميعا تحت اقدام الشعب حين تقوم قيامة العراقيين القريبة.
عذراً التعليقات مغلقة