الموصل – نصار النعيمي
صوت مجلس النواب العراقي في 28 تشرين الأول 2019 على إلغاء مجالس المحافظات غير المنضوية في إقليم، البالغ عددها 15 محافظة، بنحو 120 قضاء إدارياً وأكثر من 400 ناحية، وحل مجالسها أيضاً، إذ تستهلك تلك المجالس سنوياً ما لا يقل عن 200 مليار دينار عراقي، كمرتبات شهرية ونفقات حمايات، وإقامة، ونفقات أخرى، بينها ما يُعرف بمخصصات الخطورة والضيافة.
مؤخرا توصلت القوى السياسية الرئيسة في العراق إلى اتفاق يقضي بإعادة تفعيل عمل مجالس المحافظات، وتسعى الحكومة والبرلمان إلى إعادة تفعيلها. الكثيرون يعتقدون ان هذه المجالس تم الغاؤها، والحقيقة أنه ليس هناك قرار لإلغائها كونها موجودة بنص دستوري، وأن ما حصل في عام 2019 هو حل لمجالس المحافظات ويفترض في الحل ان تكون هناك انتخابات محلية كي تتم أعادة تشكيل هذه المجالس وفق قانون انتخاب مجالس المحافظات والاقضية والنواحي برقم 36 لسنة 2008 أو قانون يشرعنه مجلس النواب الحالي بمعنى اما القانون القديم او تشريع قانون جديد.
يبدو أنّ القوى السياسية ماضية نحو إجراء انتخابات مجالس المحافظات بعد أن تمّ الاتّفاق بين جميع الفرقاء على إجرائها نهاية العام الحالي.
يرى الباحث في الشأن السياسي الدكتور علي اغوان أن نقل صلاحيات أكثر للمحافظات وانتزاعها من الوزارات في ظل وجود جهة رقابية محلية حقيقية سيكون له أثر كبير في تقديم الخدمات للمواطنين، إذ أن العالم الحديث لم يعد يعمل على تركيز الصلاحيات في مكان واحد، ويؤكد على ضرورة تعديل سريع قانون 21 لإدارة المحافظات غير المنتظمة باقليم (دستور المحافظات) لكي لاتعاد تجربة فساد مجالس محافظات عام 2013.
ووصف الباحث في الشأن السياسي الدكتور قاسم بلشان عودة مجالس المحافظات بالمهمة للمواطن العراقي البسيط، مؤكداً على ضرورة اختيار شخصيات تمتلك معرفة بجميع شرائح المجتمع العراقي وتتمتع بالقدرة على تقديم الخدمات للمجتمع لتكون عوناً للمواطن لا عليه، مع مغادرة السلبيات السابقة مثل بعض المشاريع الوهمية التي تخدم أصحاب المناصب، مؤكداً على ضرورة محاربة أبواب الفساد من خلال اختيار شخصيات اجتماعية مناسبة لمجالس المحافظات تحارب الفساد اولاً وتسعى الى خدمة المواطن العراقي.
من جهته يرى رئيس مجلس محافظة نينوى السابق بشار الكيكي أن عودة مجالس المحافظات ضروري في العراق بعد سن قانون جديد ووضع شروط لاختيار المرشحين الذين يعملون على خدمة المواطن العراقي، ويدعم اختيار شخصيات جديدة قادرة على تلبية مطالب المواطنين، إذ تعطلت المجالس في الفترة السابقة وعودتها ضرورية بعد إعادة تقييم أدائها ومن اهم ايجابياتها هي فرصة مهمة لتعزيز اللامركزية لتكوين سلطة محلية عبر الدستور وتقرير مصير المحافظات في عدة ملفات مهمة، مؤكداً وجود ملاحظات كثيرة على أدائها في الفترة السابقة، مبيناً ان المحافظات يجب ان تتمتع بصلاحيات واسعة للقرارات التي تصب في مصلحة المحافظات ولا تنتظر القرار في أي موضع بعد ان يأتيها من بغداد، التي تتحكم في كل قرار. مشيراً الى ضرورة عودتها ورفدها بالكفاءات والشباب الذين حرموا خلال الأعوام الماضية من ترشيح أنفسهم بسبب سوء الوضع الأمني في المحافظات المحررة.
أم حسين عبرت عن رأيها قائلة” لم نرى من مجالس المحافظات خدمة لنا كمواطنين سوى زيادة في عدد المسؤولين والمواكب الحكومية في الشوارع العامة، ونسمع دوما عن مساومات وصراعات بينهم وبين إدارة المحافظات حول طلب البعض منهم تحويل مبالغ مخصصة لمشاريع معينة الى مشاريع أخرى لبعض القرى والارياف او صراعات من اجل الكسب الغير مشروع، وتنفيذ مشاريع بواسطة المحاصصة.
وتصف سيدة اعمال فضلت عدم ذكر اسمها، أن عودة مجالس المحافظات سيزيد من نسبة الفساد في المشاريع عموما لاسيما ان الكتل السياسية الكبيرة هي التي ستهيمن على مقاعد هذه المجالس وبذلك لن تقدم شيئاً للمواطن العراقي.
بين مؤيد لها ورافض، انقسم أبناء الشعب العراقي نحو الجدوى الحقيقية من عودة “مجالس المحافظات”، فالبعض وجدها دائرة حكومية أقرب إليه لإنجاز معاملاته والنظر بطلباته، والبعض الآخر وجدها من دون جدوى وزيادة مالية ترهق كاهل الحكومة والموازنة وتسلب حقاً من حقوقه، ومختصون طالبوا بوضع تعديلات جديدة على القانون من أجل اختيار شخصيات تلبي مطالب الجماهير، واخرون رشحوا شريحة الشباب لتكون جزءا مهما من هذه المجالس وتعمل على خدمة المواطن، في حين توقع اخرون ان تفوز شخصيات اكاديمية واجتماعية وشبابية كفؤة في المحافظات المحررة التي حرمت سابقاً من الترشح بسبب سوء الأوضاع الأمنية، في حين يرى اخرون ان سيطرة الكتل السياسية سيكون سيد الموقف على هذه المجالس.
9-شباط-2023
عذراً التعليقات مغلقة