عبدالحفيظ بن جلولي
شاعر من الجزائر

باكرا على قارعة المطبخ
يصادفني صباحي ككل الصّباحات
يزاحمني على فنجاني
لم يعد للقهوة صبرا تطيقه
صار صباحي يطلب فنجانا بلون الشّمس
يسبقني إلى المربّى
والسكر الذي يذوب في قعر الفنجان
ولمّا يبدو عليّ الانزعاج
أشعره يهمس:
حرّك مراراتك ربّما تذوب بسهولة
ملعقة أو ملعقتين
أو زد عليهما من صبر القهوة،
صبرك الذي مرّ على شفتيّ ولم تعرفه
كانت طاولتي تدير ظهرها للشمس
في طلوعها المحتشم
تنتصف روائح المطبخ
وتستعير من الصباح جرأته على المزاح
وتهمس في قلبي:
لا مكان للفرح قرب هذا الصّباح
تمتدّ يدي صوب زرّ التلفاز
يقهقه في وجهي
يقذف ألوان الجثث والدّمار
وخراب العمران
والنّاس يستبشرون بالصّباح
الذي يزاحمهم فناجينهم المزدحمة
بالقطع المرّة
وأحجام السكر تعود ضاحكة بيد النّادل
تبحث عن شيء من المربّى
تطلي به لون الشّمس الباهتة
والبرد الذي يصفع وجوه الملاحين في عرض المقاهي
والمراكب الكبيرة التي تساجل السكر
كي يبتغي طريقا في صحراء الملح
لم يعد فنجاني سحابا في سماء الأحاديث
فقدت وجه أمّي هذا الصّباح
لأول مرّة أرى الصّباح يبكي
حزينا وإياه هتفنا للريح كي تمضي
كي تهزّ أشرعة المراكب
وتبتعد بمربّعات المرارات
لا نصدّر الحزن أيتها الصباحات
نحن فقط نعلّب البكاء
كي يصبح “علامة مسجّلة”
ويصبح الضّحك فنجانا من القهوة
بريقا على جبين الصّباح..
النص خاص لصحيفة قريش -ملحق ثقافات واداب. -لندن
عذراً التعليقات مغلقة