ثلاث قصائد:
جسد / كاذبة / ومخبر
رضوى فرغلي
شاعرة من مصر
جسد
يسألها كثيراً: «هل تحبينني؟»
تفضِّلُ الصمتَ ونصفَ ابتسامةٍ
الكلامُ عدوُّ العشقِ
وحدَهُ الجسدُ
يبوحُ بالأسرارِ للجسدِ
نفَسٌ دافئٌ
لمسةٌ عطشَى
رائحةٌ هاربةٌ
كفَّانِ شقَّقهُما الشبَقُ
وشفتانِ تلتقطانِ اللذةَ
من سُرَّةٍ ناعسة
كاذبة
أنا امرأةٌ كاذبةُ
أدّعي أنني شاعرة
منذ سنواتٍ
أطاردُ الكلماتِ كلصٍ خائب
لم أكتب قصيدةً عن امرأةٍ طعنها ذكرٌ ليغسل “شرفه”
عن فتاةٍ تصحبها أمها لمضاجعة الكهول
عن طفلة تتخذ الشارع وطنا
لم أكتب عن طفل شُقت بطنَه
بحثا عن أعضاءٍ أتلفها الجوعُ
عن أُمٍّ تلتقطُ الحياةُ قلبها كعصفور جائع
عن زوجة ترشو المساء
ليتوقف عن إحصاء هزائمها
عن عاملة هندية
تجر خيباتها من بيت إلى بيت
تختبئ الابتسامات في زاويتيْ شفتيها
وبشالها البرتقالي تلفُّ وجهها
تداري آثار أقدام الفقر
أنا امرأة كاذبة
تبتسم شفتاي
بينما في رأسي
إسكافي يرقِّع نعال الأسئلة
مُخبرٍ
في بلدٍ ينثرُ السوادَ كطيورٍ يتيمةٍ
يخبِّئُ الموسيقى
«يشجبُ» رقصَ الجميلاتِ
و«يستنكرُ» الضحكاتِ
في هذا البلدِ «اللعينِ»
لا يُزهرُ الحبُّ طبيعياً
ينمو مُعقداً ومريضاً
كطفلٍ أهدروا شرفَهُ في الصِّغَر
مزَّقوا براءتَه
أطفأوا أحقادَهم في جسدِه الرقيق
في بلدٍ ينثرُ السوادَ كحيوانٍ خارقٍ
يتحوَّلُ «الحُبُّ» إلى مُخبرٍ
كلَّ يومٍ يتحسَّسُ جسدَهُ المحروقَ
وينحني أمامَ أسيادِه قائلاً:
اطمئنُّوا، هذا بلدٌ آمنٌ،
نظيفٌ، خالٍ من العشَّاق
القصائد خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة