” مناجاة ” كتاب فني جمالي فيه بوح عميق تجاه الطبيعة صونا لجمالها و تصديا لأعدائها :
عايدة الكشو خروف:علينا الحفاظ على الطبيعة للتمتع بطاقتها و جمالها
فنانة تونسية نالت جوائز بالكويت و القاهرة و فرنسا ونيويورك وكوريا الجنوبية و اليابان..
شمس الدين العوني – تونس-
“…للحفاظ على الطبيعة يجب أن تلقن الناس أولا كيفية التمتع بطاقتها و جمالها و متطلباتها …ان صفاء الروح مشروط حتما بصفاء الطبيعة…”..هكذا كان الصوت العالي وسط الركام المتراكم من الفضلات و المهملات حيث عاشت بلادنا و ما تزال مشكلة بيئية عانت منها مدن شتى و منها خاصة مدينة صفاقس التي صدحت فيها الفنانة التشكيلية مو ضوع هذا الكتيب الفني حيث الذهاب بالصورة و الكلمات الى جوهر الأزمة وفق دعوة عميقة للتحدي و عدم الخضوع لمد الاهمال و تدنيس الطبيعة و تلويث المحيط الى جانب الوعي بضرورة تثمين هذا الكم الهائل من الفضلات المنزلية و القادمة من المصانع و غيرها في تعدد مصادرها ..هذا التثمين المهم في رسكلتها و الافادة منها في توليد الطاقات و ما الى ذلك…
هذا الكتيب في سياق تجربة فنية جمالية و من سنوات عملت عليها الفنانة موضوع الكتاب للتوعية و التحسيس بالموضوع البيئي من حيث دور الفن و الفنان في محيطه المهدد و قد كانت الكلمات و الصور معبرة و هي تنبع من وجدان و وعي دفين و حرص على التنشئة للأطفال و اليافعين و الشبان و حتى الكبار على حب الطبيعة و الحفاظ على جمالها ..فهي تتكلم و يجب الاصعاء اليها على عبارة فيكتور هيقو “..من المحزن ان نفكر في أن الطبيعة تتكلم و الجنس البشري لا يصغي لما تقول…” قولة جميلة بها شاعرية عالية تفتتح هذا الكتيب الفني التحسيسي و هو بعنوان دلالي ” مناجاة ” أنجز بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين و من قبل عايدة الكشو صاحبة الفكرة التي تسكنها من سنوات و تواصل الاشتعال ضمنها في عدد من الفعاليات و الأعمال الفنية الجمالية ..و الدكتورة ألفة معلى التي ضم الكتيب نصوصها و صور جميلة للحبيب دلنسي و قام بالترجمة الدكتور هادي مهدي ..في الكتيب و ضمن سياقات نصوصه ورد هذا الجزء لكلود برونات “…عموما يعتقد الناس أن الانتحار أمر غير مقبول . غير أننا و كلما دمرنا محيطنا يوما بعد يوم فنحن بذلك نكون قد انخرطنا شيئا فشيئا في مسار انتحار جماعي …”..و في نصها بهذا الكتيب تشير الدكتورة ألفة معلى الى اهمية ما تقوم به الفنانة عائدة الكشو خروف في رسالتها الفنية و البيئية و الحضارية في هذا العمل بعنوان- مناجاة – “…في مناجاتها تؤمن عائدة الكشو بأن المصير يرسم باليد و أن الحياة حق يفتك لذلك تأبى أن تلتزم الصمت فتتخذ من الفن سبيلا للنقد و لسانا يفصح عما يوجد في السر من حزن و وجع و من غضب و حب…”.هكذا هي الفنانة عائدة الكشو في هذه التجربة ضمن كتيب ” مناجاة ” تتوصت ركام الفضلات في كل اعتداد و محبة مستعينة بالموسيقى و بالرسم و أكثر من ذلك هي تزرع زيتونة كشاهدة على الأمل المنبثق من الحزن بل انها تحتسي قهوتها في أريحية و كأنها تقول للآخرين و للعالم لا تخشوا فضلاتكم فهي منكم فقط أقيموا معها و تجاهها علاقات استثمار و تثمين لكي تحافظ الحياة على طبيعتها السليمة لأجل حياة عالية الجودة…كل ذلك تفعله عائدة بالفن و عبر جمال الفن وفق احساس عميق و صادق بالراهن و المعيش..
هكذا هي عائدة تخاطب الكائن ليبتكر لونه و صوته و شجنه الدفين و هو يمضي بين الآخرين حالما بخطاه و هي تنحت دربه..كيف له ذلك في هذا الكون المحفوف بالجمال و البهاء المبثوث في الجهات..في العناصر و الأشياء..و ليس للكائن هنا غير القول بنشيده و هو يشير للآفاق بحثا عن القيمة و قولا بالجوهر..جوهر التفاصيل التي تفضي الى ايقاع الذات في حلها و ترحالها ترتجي فكرة الأعماق و نظر الدواخل و كل ما به يتزين العالم حيث اللون و الكلمات و المعاني و هي تنحت مجاريها في الصخر كحال الأنهار العظيمة..
” مناجاة ” كتيب فيه الحلم و الأمل و التوعية و الصمود و فيه أيضا ألق و قلق و ذهاب ملون بالبهجة العارمة وفق نظر للفن على أنه ضفة أخرى للسفر تجاه أرض عليها أطفال يلونون أناشيدهم بالحلم النادر و الغناء الخافت …يرقصون و يرقصون مثل زنوج قدامى..انه الرقص على أرض ناعمة ..نعومة الموسيقى الطالعة من التواريخ و الأزمنة..
و الفن هنا و في تجربة عائدة الكشو خروف سفر و عنوان لافت حيث الرسم مجال شغف و دأب و ما به تنبت الأحلام في البساتين التي رآها البستاني في خياله و هي تأخذه الى طفولة عابرة فيها العالم علبة تلوين و رسم و تلبس بالكنه..كنه الابداع و الامتاع و المؤانسة ..هي هكذا لعبة اللون و الحلم منذ براءة اولى …و الى الىن في هذه الحدائق اللونية ذات الأسوار العالية..الفنانة التشكيلية عايدة الكشو خروف تنوعت لوحاتها الفنية و أعمالها وفق مسيرة سنوات عديدة أخرها أعمال فنية لمواجهة أعداء الطبيعة و اقتلاع الأشجار و القضاء على الغابات لها مشاركات ضمن معارض فردية وجماعية و اقامة معارض شخصية في تونس و خارجها..في لوحاتها موسيقى ملونة تمتح من مفردات تشكيلية فيها الحركة و تسعى للتفاعل مع المتلقي ليقرأها وفق تأويل متعدد الالوان ..ثمة عبارة تشكيلية في لوحاتها بينة في جمال تلوينها و سحر قولها الجمالي و عذوبة فكرة النظر تجاهها ..لوحات و أعمال فنية متعددة الأحجام و المواضيع فقط يجمع بينها شغف الفنانة عايدة و حلمها الذي أخذها الى التلوين حيث أطلقت هي العنان لنشيد ملون يسكنها منذ طفولة عابرة.عايدة الكشو خروف فنانة تشكيلية تلقت تكوينا لتخرج سنة 1991 من معهد الموضة و الديزاين و شهادة حصلت عليها بعد تكوين في اختصاص فن تشكيلي في ثلاث سنوات مع جمعية قنطرة الفنون و ذلك بمعهد الفنون و الحرف بصفاقس مسؤولة العلاقات الدولية باتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين و منسقة نشاطه بصفاقس و عضو الصالون السنوي بصفاقس منذ خمس سنوات و رئيسة لجنة الثقافة بجمعية حماية الشفار و عضو جمعية صيانة مدينة صفاقس الى جانب ترأسها لعدد من الفعاليات الثقافية و الجمعيات و منها ملكة جمال صفاقس و كوميسار معرض المجلس الوطني للفنون و الثقافة بالكويت و كوميسار المعرض لجمعية ” بصمات عربية ” بالقاهرة و معرض كاروسيل اللوفر و مشاركة في معرض الدورة 35 لصالون الفن المعاصر بنيويورك و في المهرجان الدولي بسيول في كوريا الجنوبية و معرض أوزاكا باليابان فضلا عن مشاركات في ندوات و مهرجانات و فعاليات ثقافية و فنية عن البيئة و المرأة و غيرها م العناوين..هذا الى جانب جوائز و تكريمات بالكويت و القاهرة و باريس و الشارقة ..كما عرضت أعمالها في منلسبات عديدة و بمدن تونسية مختلفة فضلا عن مشاركاتها في معارض و صالونات اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين الدورية .
و من نشاطها الفني التشكيلي نذكر معرضها بعنوان “طاقة البحر” الذي يمنح المتلقي علاقة مخصوصة من خلال ثنائية البحر و الانسان و عوالم جمالية من وحي اللون الأزرق ..
و في المعرض الجماعي الدولي للفنانين التشكيليين “اوزاكا ارت ايكسبو” برواق الفنون “سيستاما غاليري” بأوزاكا اليابانية مع 70 فنانا من ايطاليا واليابان وفرنسا برزت مشاركة الفنان عايدة من خلال لوحتين وفق تعبيراتها الجمالية التي عرفت بها بين الشأن الوطني و الشأن الابداعي الجمالي كما تميزت مشاركتها بمعرض بمتحف اللوفر في باريس من خلال حصولها على الجائزة الثانية ..ان هذه المشاركات و المعارض التي انطلقت سنة 1995 بمعرض خاص مع الفنان علي بن سالم برواق فني بمدينة صفاقس تعتبرها الفنانة التشكيلية عايدة مجالا لمزيد التعريف بتجربتها الى جانب كونها تلمس من خلالها تقبل و ذائقة جمهور الفنون و المعارض تجاه أعمالها الفنية و هو ما يسعدها و يجعلها تواصل هذه التجربة . وخلال الظروف الصعبة للحياة الفنية التشكيلية و الثقافية عموما كانت للفنانة التشكيلية أصيلة مدينة صفاقس عايدة الكشو خروف مشاركات عبر الوسائط السمعية البصرية و الرقمية ..انها بقعة النور في حياة الفنانة عايدة تتفاعل مع ما يحدث تجمل الاشياء و تقاوم بالفن كل فعل عدو للطبيعة و جمالها الالاهي الأخاذ حيث الانسان مطالب بأن يحمي الأرض لتحضنه و تحميه.
عذراً التعليقات مغلقة